الادارة في دولة الإصلاح ، قراءة في كتاب تكليف مالك الاشتر الحلقة الثانية

دراسة بقلم / احمد حسين

تدوين نيوز – متابعة

الباحث والاعلامي احمد حسين

يستعمل الامام ضمير الغائب في توجيه الرسالة او التكليف او العهد ( هذا ما امر به عبد الله امير المؤمنين مالك بن الحارث ….وتبدأ الفقرات الأولى ب أمره .. أمره ) وهي الفقرات المتعلقة بالتوجيهات العامة الموجهة لكل فرد على مر العصور ( أمره ان ينصر الله سبحانه بقلبه ويده ولسانه .. فأنه جل اسمه قد تكفل بنصر من نصره وأعزاز من أعزه ).., وأمره بكسر النفس من الشهوات …وهو خطاب عام جاء بلغة امير المؤمنين العالية ..

ثم يتحول الخطاب الى مالك ثم اعلم اني وجهتك …. لانه هنا يبدأ تكليفه الشخصي عليك انت شخصيا ان تمارس المهمة الجديدة ووهي الحكم فتضع في بالك ما كنت تقوله عن الحكام وهنا يشير امير المؤمنين (ع) الى الرأي العام وضرورة اخذه بالاعتبار يوميا من قبل من يتصدى للحكم او الولاية ..( وانما يستدل على الصالحين بما يجري الله لهم على ألسن عباده ) أهمية الرأي العام وخطورته وضرورة متابعته متابعة علمية ثم تصنيفه وتقييمه حين اتخاذ  قرار متعلق بالإدارة العامة  وبمصائر الناس ..!!

ويؤكد عليه بأن الناس معرضين للخطأ والزلل بطبيعتهم وهذا أمر طبيعي لدى الانسان وخاصة من يتوقع منك الكثير لانك سابق في الايمان او لانك تدعي انك تمثل فئة المسحوقين والفقراء الى الله لذلك يكثر الخطأ من العامة لكبر توقعاتهم منك ولكثرة المظالم السابقة التي تعرضوا لها ممن قبلك لذلك اكثر مايؤكد عليه هنا هو ان تعرض نفسك للكسر وتحاربها وتذكرها كل لحظة بما كنت عليه قبل المنصب وأن تنصف الله والناس من نفسك بوضعها أمام سلطة الله وملكه وجبروته وقوته لان الخصم اذا ظلمت الناس هو الله القوي الذي ليس في متناول يديك حربه ولا منازعته على الحكومة والذي لا تستطيع الاستغناء عن عفوه ..لذلك يقول له اذا عفوت عن احد لا تندم على ذلك .. واذا عاقبت أحدا لا تتبجح بهذه العقوبة بنشرها واذاعتها لان التبجح بعقوبة احد يفسد القلب ويرهب الناس وهو مدعاة للعجب والزهو لدى الحاكم وهو مصيدة سهلة من مصائد الفساد .. وفي هذا التوجيه ثورة تشريعية كبيرة على القوانين السا٫دة آنذاك لدى العرب .. لان الملوك والحكام اعتادوا ان ينكلوا فيمن يسيطرون عليه من اعدائهم تخويفا وترهيبا لغيره ولا يخفى على احد  ما كان  يفعله العرب بجاهليتهم من أفعال حين ينتصر قوم على قوم في معركة او غزوة …

لذلك يؤكد عليه ان يجعل الطاقة الروحية المرتبطة بالله الخالق هي المحرك الأساسي للتعامل مع الناس (انظر الى عظم ملك الله فوقك وقدرته منك …. فأن ذلك يٍطامن من طماحك …. ويفيء اليك بما عزب من عقلك ) الطريقة المثلى والوحيدة لان يرجع اليك عقلك أيها الحاكم ان تقارن ملكك وقدرتك بقدرة الله عليك وبعظمة ملك الله مقارنة حقيقية … هل ما املك الان هو لي حقا؟؟ هل استطيع ان ارافق ما املك مدة طويلة لكي اتمتع به ؟؟ هل املك لي يوما إضافيا  في هذه الحياة فوق ما اختار لي الله من أجل محتوم ؟؟؟ .. الإجابات كلها بالنفي لما رأينا من جريان الأمور في هذه الدنيا … لذلك يعد امير المؤمنين هذا الشعور هو المحرك الفعلي للعدل بين الناس وليس ما نعاهد عليه الناس من بطش وظلم وتقتيل !!!

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى