‘ تاو ‘ طريق الحكمة كيف يمكننا الحياة في هذا العالم
بقلم الروائي المصري احمد عفيفي


تدوين نيوز – خاص
تخلو التاوية من الطقوس و العبادات؛ فيما عدا التأمل الباطني الذي يحاول الإنسان من خلاله التواصل مع منبع الحقيقة، التاوي حر من الفروض التشريعية. الإنسان الذي يدع التاو يعمل بداخله دونما عوائق، لا يؤذي أي كائن آخر بأفعاله، لكنه لا يرى نفسه “عطوفًا” أو “دمثًا.”
الإنسان الذي يدع التاو يعمل بداخله دونما عوائق، لا ينشغل كثيرًا بمصالحه، لكنه لا يحتقر من يفعلون ذلك.
لا يكدح من أجل المال، لكنه لا يعتبر الفقر فضيلة.
يسير في طريقه دونما اعتماد على أحد، لكنه لا يزهو بكونه يمضي وحيدًا.
لا يسير مع القطيع ولا يجأر بالشكوى ممن يفعلون هذا.
المكانة والمكافأة لا تجذبانه والخزي والعار لا يردعانه.
ولهذا قال القدماء، “رجل الطاو يبقى مجهولًا.
الفضيلة الكاملة لا تنتج شيئًا؛ وأعظم إنسان هو لا أحد.
كل حادث في المستوى المرئي للعالم؛ يتم بتأثير فكرة في المستوى غير المرئي، وما يجري على الأرض، هو نسخة لاحقة زمنيا عن أمر جرى في مستوى يقع وراء إدراكنا الحسي.
لا يتطابق مفهوم التاو مع مفهوم الالوهه الخالقة للعالم والمتحكمة به عن بعد، ولا مع قانون مفروض على العالم من خارجه، مفهوم التاو عن العالم انه نظام ضمني يدفع صيرورة عمليات الطبيعة، والكون ليس ناتجا لفعالية ملك سماوي، بل هو جسد حي تعتمد وظائفه على بعضها وفق تلقائية طبيعية مغروسة في صميمه وليس نتاج اله للكون يتربع على عرشه كما يتربع إمبراطور على عرش سلطانه.
في كل إيجاب بعضا من السلب؛ وفي كل سلب بعضا من الإيجاب، وهو ما يعبر عنه بدائرة التاو، أو شعار التاو، الأبيض و الأسود، او الين و اليانج أو الصيرورة الدائمة إلى ما لا نهاية، حيث الوجود وكل مظاهره في تناوب تلقائي دون صراع مع بعضها من اجل سيادة واحدها على الأخرى أو إلغاءه، كما هو الحال بالديانات المثنوية في الشرق الأوسط، وهكذا تقف الأقطاب في تقابل وليس في صراع لان الوجود بأكمله نتاج حركة قوتين ساريتين تحملان كل مظاهره هما الموجب والسالبن وهاتان القوتان على تعارضهما متعاونتان، ولا قيام لأحدهما في معزل عن الأخرى، هل يتنازع الشمس و القمر مجريهما؟
على أن طريق الحكمة الذي أسسه المعلم الأول لاو تسو طوره تلامذته من بعده وتحول بمرور الزمن إلى طريقة دينية طقسية تبنت العديد من الممارسات الرياضية الروحية كاليوجا الهادفة إلى السيطرة على الجسد واكتساب القوى الخارقة الأمر الذي حول طريق الحكمة إلى بوذية الزن الحالية المنتشرة باليابان والشرق الأقصى.
الكون موجودا من الأزل؛ وسيظل موجودا إلى الأبد.
يقول المؤسس عن التاو
هناك شيء بلا شكل
موجود قبل السماء والأرض
صامت و فارغ
قائم بنفسه
يدور بلا كلل
مؤهل لأمومة هذا العالم
لا اعرف اسمه فادعوه التاو
لا استطيع وصفه فأقول العظيم
التاو هو العلة و المعلول؛ العلة و المعلول وجهان لعملة واحده، لا وجود لعلة خارجية لحركة الكون ومظاهر الطبيعة، العمليات الطبيعية لا تتطلب عنصرا خارجيا فاعلا أو مبدأ متعالي منفصل يحركها عن بعد، بل تعمل وفق تلقائية كونية شمولية يتبادل من خلالها كل عناصر الكون الأثر والتأثر في سلسلة منظمة مترابطة لا نهائية، هذا الفيض ليس فعلا إراديا ناشئا عن خطة محكمة مسبقة ذات مقاصد محددة في وعي مستق منفصل، بقدر ما هو نوع من الإرادة التلقائية المستقلة، كتكون الجنين وخروج النبات من باطن الأرض وتحلل الأحياء في باطن التربة.
الأمر برمته نشوء تلقائي وفناء تلقائي وفق قوانين مستقلة متباينة متغايرة؛ أي أن الأشياء في المفهوم التاوي تنشا تلقائيا وبشكل متزامن في معزل عن مبدأ السببية، فلا حاكم ولا محكوم الكل يحدث من تلقاء ذاته وفي ارتباط وثيق مع حدوث الآخر، هذا النظام العضوي لا تناظري غير متكرر لا يتبع قاعدة ثابتة أو خطة مسبقة، تشكل السحب تكون بلورات الثلج توزع الحصى على شاطئ البحر.
يقول المؤسس عن التاو
الآلاف المؤلفة تظهر و تختفي بلا توقف
ما يمنحها الحياة لا يدعي امتلاكا
يعينهم ولا يطلب عرفانا
يكمل عمله ولا يدعي فضلا
عندما لا نمجد السابقين نمنع التنافس
الحياة لا شفقه عندها أو قسوة
الحياة تعامل الجميع بحياد
السماء و الأرض باقيتان
لأنهما لا تشعران بوجودهما
الخير الأسمى كالماء
يسقي الجميع بلا جهد
ويرافقهم لاماكن لا يرغب احد بارتيادها
في السكن ما يهم هو الحيز الذي يفي بحاجتك
في التنفيذ ما يهم هو التوقيت
عندما تزيد في شحذ الحد
تعمل في النهاية على اثلامه
إذا استبعدت الفقهاء
ينتفع الناس أضعافا مضاعفه
إذا ألغيت التعاليم الصارمة
يعود الناس إلى محبة بعضهم
توقف عن تقدير المكسب
يتوقف اللصوص عن السرقة
هل هناك فرق بين الخير والشر؟
هل يجب آن أخاف مما يخاف منه الآخرون؟
أفضل أن أكون مثل الأبله عقلي صفحه بيضاء