تحت نيران المدفع في السودان… التعليم ضحية الحرب!

بقلم / سلمى عبد الوهاب

تدوين نيوز – خاص

حرمت الحرب التي تدور في السودان الطلاب منذ انداع النزاع المسلح بين الجيش السودان وقوات الدعم السريع في البريل 2023  ,في 9 ولايات من الجلوس للامتحانات  الشهادة الثانوية بشكل كامل، وفي 3 ولايات بشكل جزئي، حسبما أفادت لجنة المعلمين السودانيين. كما اعتذرت دولة تشاد عن إقامة الامتحانات في  مدينة أبشي.

تكتسب امتحانات الشهادة السودانية أهمية بالغة، حيث يجلس لها قرابة نصف مليون طالب سنويًا، وهي تحدد مستقبل ومسار التعليم الأكاديمي لمئات الآلاف. إلا أن الحرب تعمق أزمة العائلات التي وجدت نفسها بين النزوح وانعدام الخدمات الأساسية، مثل المأوى والكهرباء والمياه والطعام، وبين حصارها في مناطق سيطرة الدعم السريع.

بينما حملت لجنة المعلمين السودانيين، وهي كيان نقابي، وزارة التربية والتعليم مسؤولية تنظيم الامتحانات قبل الإجابة عن سؤال إيقاف الحرب، والسماح لجميع الطلاب بالجلوس للامتحانات في جميع أنحاء البلاد. وأعربت عن مخاوفها من أن يتحول التعليم إلى مدخلا لتقسيم البلاد بين فئات لم تصل إلى التعليم وأخرى مستمرة في العملية التعليمية.

إن أزمة امتحانات الشهادة السودانية قد تعمق معاناة آلاف الطلاب، وربما تقضي على مستقبلهم تمامًا بسبب الابتعاد كليًا عن التعليم ,وأن غالبية  الطلاب محاصرون بالنزوح والجوع وانعدام الأمن، مما يجعل الجلوس لأداء الامتحانات مستحيلًا.

أن تنظيم الامتحانات في هذا الوقت الحرج يجب أن يكون مسؤولية كاملة تقع على عاتق الحكومة القائمة في بورتسودان ووزارة التربية والتعليم الاتحادية، عبر وضع خطط كفيلة بنقل الطلاب من المناطق المتضررة إلى المراكز المحددة، مع التنسيق مع المنظمات الدولية والمحلية لتمويل هذه العملية من حيث النقل، الإعاشة، والإقامة.

ولم يكن بوسع آلاف الطلاب في مناطق سيطرة قوات الدعم السريع الانضمام إلى مراكز الجلوس لامتحانات الشهادة الثانوية في الأماكن الخاضعة إلى سيطرة الجيش، نظرا للأوضاع المالية السيئة، كما أن الذين تمكنوا من الحصول على بعض الأموال الخاصة بالسفر والمعاش، ارتفعت مخاوفهم الأمنية، ويخشون الوقوع في مصيدة الاعتقال بتهمة التعاون مع قوات الدعم السريع، مثلما حدث مع أحد الطلاب مؤخراً في الولاية الشمالية.

يعارض أكاديميون وفاعلون في المجتمع المدني بالسودان، استمرار الحكومة التي يديرها الجيش في عقد امتحانات الشهادة الثانوية في مناطق دون غيرها، كونه يهدد وحدة البلاد، ويضع لبنة لتفتيتها، فالشهادة السودانية كانت وما تزال أحد أهم معالم الوحدة الوطنية، بحسب ما تراه لجنة المعلمين السودانيين.

 وجهت نقابة المعلمين السودانيين بيان شديد اللهجة  واعربت  عن قلقها البالغ تجاه الإعداد لانطلاق امتحانات الشهادة الثانوية للدفعتين 2023 و2024 في ظل الظروف التي تمر بها البلاد. وحذرت اللجنة من أن الاستمرار في العملية التعليمية دون مراعاة معايير الشمول والعدالة يهدد بتفتيت البلاد ويزيد من تمزيق النسيج الاجتماعي.

 إن الإصرار على قيام الامتحانات بهكذا وضع يضع التعليم كواحد من أسلحة الحرب، يستخدم لمعاقبة الطلاب وأولياء أمورهم، على جريرة البقاء في ولاياتهم”.

ردت وزارة التربية والتعليم من مقرها في بورتسودان، العاصمة المؤقتة للحكومة، على هذه الانتقادات قائلةً إن الامتحانات أُجلت لأكثر من مرة، وهناك تراكم في الصفوف. كما شددت على أن دولاب الدولة يجب أن يستمر في العمل في المناطق الآمنة.

قبل الحرب، كان عدد الطلاب المسجلين لامتحانات الشهادة 570 ألف طالب وطالبة. الآن، تقلّص العدد إلى 343,644 فقط وفق تقارير وزارة التربية. أكثر من 226,000 طالب وطالبة حُرموا من حقهم في التعليم. وسط حالة من الارتباك والتخبّط وكثير من المخاوف، انطلقت امتحانات الشهادة الثانوية السودانية في أجزاء من البلاد وخارجها بالتزامن، ،  ظهراول امس السبت وتنتهي في التاسع من كانون الثاني/يناير 2025.

  في حين تخلّف عن الجلوس قسراً نحو 157 ألف طلاب وطالبة في ولايات أخرى تقع تحت سيطرة قوات «الدعم السريع» وسط مخاوف من انقسام «غير مسبوق»

كشف مسؤول بوزارة التربية والتعليم عن تسجيل مراكز الامتحانات داخل وخارج السودان نسبة غياب للطلاب عن الجلسة الأولى بلغت 30% من إجمالي الطلاب المسجلين الذين لديهم أرقام جلوس.

وتقول وزارة التربية والتعليم إن 343,644 طالبًا وطالبة يجلسون لامتحانات الشهادة الثانوية التي بدأت  اول أمس السبت في 2,300 مركز، منها 59 مركزًا خارج السودان، من بينها 25 مركزًا في مصر، فيما يبلغ عدد الطلاب خارج البلاد 46,553 طالبًا.

وقال مدير مركز فريد أبو حديد للامتحانات في العاصمة المصرية القاهرة حامد السوراوي  في تصريحات  صحفية، إن “تقارير الكنترول داخل وخارج السودان تفيد بغياب 30% من الطلاب المسجلين عن امتحان الجلسة الأولى”.

وأرجع هذا الغياب الكبير إلى الظروف الاقتصادية لأسرهم بسبب الحرب، مما أثر في استعدادهم النفسي والأكاديمي لأداء الامتحانات.

وأشار إلى أن مركز فريد أبو حديد في القاهرة سجل غياب 150 طالبًا بنسبة 30% من إجمالي طلاب المركز، فيما سجل مركز هدى شعراوي الإعدادية غياب 200 طالب بنسبة 30%، مؤكدًا تساوي نسب الغياب في المراكز داخل وخارج السودان.

وأفاد بوجود اتجاه داخل وزارة التربية والتعليم لتأجيل تصحيح امتحانات الشهادة الثانوية حتى مارس من العام القادم بعد أداء دفعة العام 2024 لامتحاناتهم، ومن ثم سيتم تصحيح أوراق الدفعتين معًا.

بالمقابل  حرم الالف من الطلاب من اداء الامتحانات بعد انتظار دام لأكثر من عام ونصف العام لتخطي المرحلة الثانوية، ودخول الجامعة، لكنهم وجدو نفسهم عالقيين  في بلداتهم الصغيرة، بولاية الجزيرة وسط السودان، تحاصرهم«قوات الدعم السريع من جه وسوء الاوضاع الاقتصادية من الطرف الاخري  فما الذنب الذي اقترفوه لكي يعاقبة بحرمانهم من اداء الامتحانات في إقليمي كردفان ودارفور وجنوب وشرق  العاصمة الخرطوم وولاية الجزيرة، وهي مناطق سيطرة قوات الدعم السريع، من الجلوس إلى امتحان الشهادة الثانوية .

ووفقاً لوزارة التربية والتعليم، من المقرر أن يتقدم للامتحانات المؤجلة من 2023 أكثر من 343 ألف طالب وطالبة، نحو 70 في المائة من جملة الطلاب المسجلين، وعددهم نحو 500 ألف طالب وطالبة، لكن هذا العدد قد يتقلّص بسبب سقوط الآلاف من أرقام الجلوس، وتأجيل الامتحانات في ولايتي جنوب وغرب كردفان جنوب البلاد. وحسب إحصائية وزارة التعليم فإن 157 ألف حرموا من الجلوس لامتحانات الشهادة الثانوية بسبب الحرب.

ودخل التعليم على خط القتال المحتدم في السودان لأكثر من 20 شهراً، بعدما أقرّت الحكومة التي تتخذ من بورتسودان مقراً لها، إجراء الامتحانات في المناطق الآمنة الخاضعة لسيطرة الجيش، رغم اعتراض «الدعم السريع»، التي رأت أن عواقبها ستكون وخيمة على آلاف الطلاب، وتعمق الانقسام في البلاد.

وتبرز مخاوف أخرى من أي استهداف قد يطال مراكز الامتحانات، ويعرض حياة الآلاف من الطلاب وعلى وجه الخصوص في محلية كرري بمدينة أم درمان، شمال العاصمة الخرطوم، التي ظلّت تشهد قصفاً مدفعياً دون توقف، وتنسحب تلك المخاوف إلى ولايات أخرى محاذية لمناطق القتال.

لكن وزارة التربية والتعليم أكدت اتخاذ كل الترتيبات الأمنية اللازمة على مستوى عالٍ لتأمين مراكز الامتحانات، التي ستُجرى في الولايات الآمنة، وهي الشمالية ونهر النيل والقضارف وكسلا وشمال كردفان.

وأكد وزير التربية والتعليم المُكلف في ولاية الخرطوم، قريب الله محمد في تصريحات صحفية أنه تم منح جميع الطلاب الراغبين في الامتحانات أرقام جلوس، وقال إن الاستعدادات اكتملت لاستقبال الطلاب الممتحنين في مناطق العاصمة الخرطوم ومن الولايات الأخرى.

بدوره، قال المتحدث باسم نقابة المعلمين المستقلة، سامي الباقر، إن إصرار سلطة الأمر الواقع في بورتسودان على إجراء الامتحانات في هذا التوقيت وما صاحبها من سوء تنظيم، أفقد فعلياً أكثر من 60 في المائة من الطلاب والطالبات حقهم في دخولها.

وأضاف أن الهدف من إقامة الامتحانات في مثل هذه الظروف «سياسي بحت»؛ لتثبيت واقع الحرب، بتصميم عملية تعليمية تتماشى مع مصالحها السياسية، تدفع البلاد إلى التقسيم والتشظي من خلال إقصاء الآلاف من أبناء الوطن من التعليم.

وأوضح أن النقابة سبق أن تقدّمت بمقترحات لعقد امتحانات شاملة وعادلة بالتنسيق مع المنظمات الدولية، يلتزم فيها طرفا القتال بوقف إطلاق النار، وفتح ممرات آمنة، تُمكّن جميع

إن أعداداً كبيرة من الطلاب الوافدين وصلوا إلى مدينة أم درمان، لم يتحصلوا على أرقام الجلوس، وقد لا يسمح لهم بالمشاركة في الامتحانات، رغم الوعود السابقة من الوزارة بمعالجة هذه المشكلة.

وأضاف أن الحكومة تتحمل كامل المسؤولية عن أي نتيجة تترتب على الإصرار بعقد الامتحانات دون استصحاب إجراءات السلامة، فهذه الامتحانات خطر على الطلاب والمعلمين، وخطر على السودان بعد عقدها.

وأدان المتحدث باسم نقابة المعلمين منع «الدعم السريع» أعداداً كبيرة من الطلاب الراغبين في أداء الامتحانات من مغادرة مناطق سيطرتها.

ووفق إحصائيات نقابة المعلمين، فإن عشرات الآلاف من الطلاب في 8 ولايات محرمون من الامتحانات؛ ولايات دارفور وكردفان الكبرى، وأجزاء من العاصمة الخرطوم، والجزيرة، ومناطق أخرى تعاني انعدام الأمن.

حرمان الطلاب السودانيين من الجلوس للامتحانات لم يقتصر على الطلاب في المناطق التي تسيطر عليها «قوات الدعم السريع»، لكن السلطات التشادية أيضاً رفضت إقامة الامتحانات على أراضيها لنحو 13 ألف طالب وطالبة من إقليم دارفور المجاور لها من ناحية الشرق.

وكان وزير التربية والتعليم «المكلف»، أحمد خليفة، ذكر في إفادات سابقة بأن الطلاب الذين لم يتمكنوا من الجلوس لهذه الامتحانات، لديهم فرصة أخرى في مارس (آذار) المقبل؛ حيث ستقام امتحانات لتمكينهم من لالتحاق بالدفعة نفسها.

وانطلقت دعوات في الأوساط السودانية لتأجيل الامتحانات إلى وقت لاحق من العام المقبل، بسبب استمرار الحرب، وعدم وجود اتفاق بين الطرفين على التهدئة لحين الانتهاء منها.

ومنذ اندلاع الحرب بين الجيش السوداني و«قوات الدعم السريع» في أبريل (نيسان) 2023 توقفت العملية التعليمية كلياً في مناطق الصراع، في حين استؤنفت في الولايات خارج نطاق القتال.

وتشير إحصائيات منظمة رعاية الطفولة (اليونيسيف) التابعة للأمم المتحدة إلى أن استمرار الحرب منع 12 مليوناً من الطلاب السودانيين في مراحل دراسية مختلفة من مواصلة التعليم.

منذ اندلاع الاشتباكات بين الجيش السوداني وقوات الدعم السريع، توقفت العملية التعليمية في السودان لأشهر عديدة، قبل أن تستأنفها الحكومة السودانية في المناطق الواقعة تحت سيطرتها. كانت منظمات إنسانية قد حذرت من تأثير النزاع في السودان على التعليم، حيث حُرم نحو (12) مليون طفل من التعليم، ليرتفع إجمالي الأطفال خارج المدارس إلى (19) مليونًا.

وحذرت منظمتا اليونيسيف وإنقاذ الطفولة من أن استمرار الحرب يهدد بمنع جميع الأطفال من العودة إلى الدراسة، مما يعرضهم لمخاطر النزوح والتجنيد والعنف الجنسي، ويضع السودان على أعتاب “أسوأ أزمة تعليمية في العالم”.

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى