جوهر الشعر العامي مرتبط بالخطاب الشعبي ولغة الناس

قراءة نقدية فى ديوان الشاعرة المصرية حنان شاهين ،بقلم محمد اسماعيل ،كاتب وصحفي من السودان

الصحفي محمد أسماعيل

 حنان شاهين شاعرة وروائية مصرية، خريجة كلية دار العلوم جامعة القاهرة، حصلت على لقب الطالبة المثالية على مستوى الجامعات المصرية عام 1994وصدر لها ثلاث دواوين شعرية باللهجة المصرية هم بالترتيب: أبين زين، الصادر عن المجلس الأعلى للثقافة، وديوان باب الرضا، ثم أخيرا ديوان مونولوج، بالإضافة إلى رواية بعنوان نصف حياة.

شاركت في العديد من الملتقيات المحلية والدولية العربية والأوربية، إضافة إلى  استضافتها في العديد من اللقاءات التلفزيونية والإذاعية المصرية والعربية.. العتبة الأولى :  الشعر العامى وهو شعر تكتمل فيه عناصر الشعرية، فإلى جوار الوزن والقافية نجد الصور والعوالم والحالات الشعرية  والرؤى الفكرية. ومن شأن هذه العناصر أن تنتج قصيدة واثقة ترتكز على خلفية ثقافية

كما تجدر الإشارة فى هذا السياق إلى أن اختيار العامية لغة للإبداع الشعرى أمر لا علاقة له مطلقا بالتدنى الفنى،  ونقول  إنه من الواضح أن اللهجات بدخولها إلى الأدب ومساهمتها فى لغته،  حيث تكتسى العامية فى إطارها الشعرى ثوبا جديدا يكون بالتأكيد أبهى من أثواب الفصحى إذا كان الشاعر العامى أكبر موهبة من الشاعر الفصيح ، بدون شك كل تجربة شعرية   مؤثرة فى رؤيتها ،  الحاجه المهمه بالنسبة فى  مكونات أو مرتكزات فنية التى  يرتكز عليها الشاعر او الشاعرة   حراك النص الشعرى جماليا فى ذهن المتلقى  سوى ان كان مكتوب بالفصحى او با لعامية  . هناك تجارب مهمة فى شعر العامية المصرية على سبيل المثال لا الحصر .   احمدفؤاد  نجم .فؤاد حداد . بيرم التونسى . . عبدالرحمن الابنودى.. وهناك شعراء يحاولون أن ينحرفوا بتجاربهم عن السائد والمألوف، ويحاول كل منهم أن يحفر مجرى يخصه وهناك أيضا من يحاول التمرد وهو أمر  يخصه أيضا  .و جوهر شعر العامية مرتبط بالخطاب الشعبى ولغة الناس و للمجتمع . الشعر العامى  لم   يكتف بالصور الذاتية وإن كانت هناك صورة ذاتية مسيطرة على بعض القصائد الديوان .العامية أكثر تعبيرا عن هموم  الناس ومشاكلهم .. العتبة الثانية :حنان شاهين  شاعرة استثنائية، تكتب بصمت  وتحاول قدر المستطاع البقاء في الظلّ كي لا تصاب بنرجسية الشعراء  الكبار

  هى سباحة ماهرة فى  التقاط المفردة العامية  وتعرف كيف  تقتنص الصور الشعرية وتوظفها في نصوصها، وتمتلك مخزونا لغويا ثريا لافتا، . تطرح في أشعارها وقصائدها قضايا وهموم  الأنثى والوطن  ثم  نلمس ونستشف في نصوصها مسحة من الرومانسية والرومانتيكية الناتجة عن أحلامها ..

شاعرة   لها لونها الخاص المميّز عن ابناء جيلها . شدّ انتباهي يتساوى عندها الإبداع الشعري في وجهيه الفصيح والعامي، إنها عندما تلقي القصيدة لها حضوراً مدهشاً في ترقق ألفاظها، وتنغيم مفاصلها، وانسجام الحس بالإحساس.. تأتي القصيدة وهي تحمل في طياتها الصورة الحقيقية للشاعر،.. فعندما تكون القصيدة متجانسة وتحمل جميع صور الثقافة الشعرية  فشاعرها بذلك يصل إلى ذائقة المتلقين لها من القراء والمتابعين. شاعرة   مفكرة وفى حالة تأمل وواقعية قبل ان تكون شاعرة. رومانسية فقصائد التى اطلعت  من خلال الديوان ..اتخذت  من الذات مواضيع  فى نصوصها .. هنالك ثراء موسيقى ولعب بالقوافى على امتداد نصها الشعرى .يدل على تطويع المفردة الشعربة العامية وتطويع الموسيقى الشعرية و زخم  ايقاع المفردة التى تجدد من داخل النص وليس من خارجه .. وثمة شعور ينتابك اظنه شعور عميق .فالمحكى داخل نصوصها هى لغة الحياة اليومية نفسها كان تكتب  اشعارها  من تلك اللغة البسيطة المتداولة والسهلة لكل الناس بمختلف طبقاتهم ومستويات تعليمهم،   لغة عذبة لكنها جامحة تجعلك متحيرا كيف تلج هى اليها بهذه السهولة .فالكتابة بالعامية لايجيدها الا القليل واظن اكتشفت سر اللعبة واشتغلت عليها بجمالية اخاذه وبسحر انيق يثير الدهشة والتامل.. نقراء فى قصيدتها كون ( نفس المسرح والادواروالغايةومؤلف واحد راسم كل التفاصيل بعنايه ..عامل عقده وحل ..خير  فى مقابل شر براه الدايرة ..) .    فى نصوصها هناك   اتكأة  على الطابع السردى  وهذا واضح  فى قصيدتها ( رحله)  تقول  نقراء(   والقطر بقطع فى المسافات .. ب وصل ناس أشباه احياه .. وبرجع ناس أشباه أموات .. شاريين تذكرة  الرحلة بجهل  .. على فين رايحيين الناس ما أعرفش)تقترب شاعرتنا من الحدث اليومى استفادت من قاموسها العامى حيث استطاعت ان توظف الصورة الشعرية فى الكثير من نصوصها الشعرية وذلك عبر نماذج انسانية وأيضا  فى من نفس القصيدة   (من فين جايين الناس .. بسأل والناس ساكتين عايشين بقناعه .. شاحنين الروح صناديق مقفوله  فى قطر بضاعه) فالغتها  الشعرية    اقامت  علاقة بين رؤيتها للعالم والمفردات .  يمكن عزيزى القارئ ان تلاحظ ان النسق اللغوى بسيط ومحبب.فهى حاولت ان تكون بعيدة عن الغرابة والتعقيد والغموض  فى اللغة  فهى كما اشرت سابقا تعرف كيف تتعامل مع اللغة فى عاميتها بخبرة وذكاء .جاعلة من المفردة جمل شعرية متفجرة  مثال قصيدة ضى (وامبارح ميت ماتجوزش عليه إلا الذكرى .. لو كان الوقت موظف فاسد ممكن ارشيه علشان يرجع عقرب عمرى شويه ويزور فى تاريخ صلاحية روحى..  انا كنت أرشيه لكنه  ل سوء الحظ نزيه) تحاول ان تخرج بالصورة الشعرية من تقليدتها ترسم بالاحرف صورمنسجمه مع تدفق ايقاع مشاعرها واحاسيسها من خلال رؤيتها للعالم والواقع المحيط بها   يمكن  ان ننظر الى عنصر المفارقة فى متن النص كما فى قولها من قصيدة منلوج ( ايه يا أنا حساك ليه مستسلمه مابتنطقيش ما بتجرحيش الصمت حتى بنهنهه.. وكأن حزنك انتهى  قومى اخرجى اتمردى  قولى أنا..هى الفضيلة انك تكونى مستكينه ومهملة )كل ذلك يشير الى ان ثيمات النص يتمحور حول ذاتها الانثوية المقمعة بسلطة الاجتماعى  الذكورى  فى محاولة لاثبات ذاتها كانسانة .. عندما نستقرئ مخزونها الثقافى من خلال قراءتنا لديوانها ( منلوج) نكتشف انه مكتنز بالموسيقى والبناء التركيب

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى