كيف أختارت الحيوانات ألوانها.

محمد اسماعيل - كاتب وصحفي من السودان

تدوين نيوز – خاص – محمد اسماعيل/ السودان

الفنان سيف اللعوته

ارتحل عن عالمنا مؤخرا الفنان التشكيلي السوداني سيف الدين عبد القادر اللعوتة .سيف  اسهم مع الاخرين في نقل تجربة التشكيل السوداني الي العالم وعبقرية سيف ومواهبه تفتقت منذ نعومة اظافره فهو عاشق اكبر للنيل والنهر والليل والقمر وعلى ضفاف النيل يترعرع مثلما ترعرع على ضفاف القلب. كانت فترة ستينيات القرن المنصرم باتقاد شرارة الإبداع التشكيلي في السودان ما بعد الاستقلال (1956) بظهور مدرسة الخرطوم التشكيلية . جذوة هذه الشرارة امتدت إلى سبعينيات القرن لتلقي ببعض أثارها على نفر من أجيال مختلفة من التشكيليين السودانيين.

سيف الدين لعوته أحد الذين تمردوا على مدرسة الخرطوم و أسس  مع زميله الفنان التشكيلي  صلاح ابراهيم المدرسة الواقعية السحرية فى الرسم .

وتميزت تجارب صلاح ابراهيم التشكيلة في إبراز الثقافية السودانية عن طريق الاستلهام من الذاكرة الشعبية التي تتجلى في قصص الجدات  والأحاجي وكل السرديات التي تمزج الأسطورة بالواقع .

أسلوبه الفني

 أهتم الفنان اللعوته في تجاربه الإبداعية  بالرموز الدينية السودانية القديمة مثل الاقواس وقرون الثيران و الابقار والاضرحة  والأحاجي والنقوش الفرعونية والتماسيح والاسماك . والطيور الملونة. والسحالي الانيقة . والزواحف والمجاميع البشرية . وتعددت الرموز فى مشروعه التشكيلي  مشروعا تأمليا مركبا و شديد التعقيد.

وكذلك ما يميز أسلوبه الفني هو قدرته  الفذة على السيطرة على الفضاءات بإيحاءات تحول اللوحة الي اقصوصة متعددة  الحكايات.وظل حريصا على هذا الترتيب الذي انجزه لوجدانه الفني  باحثا في قلق دائم عن مراسي لتجاربه و اشراقاته.

المشاركات والجوائز

نال سيف العديد من الجوائز. اهمها  فوزه  بجائزة نوما  للرسومات الاطفال باليابان ، وفي دورتها التاسعة للعام 1994حصلت اعماله الفنية الاصلية (كيف حازت الحيوانات علي ألوانها)12 عملا فنيا اصليا, على الجائزة الكبري والميدالية الذهبية كأول عمل عربي وافريقي ينال هذه الجائزة الرفيعة. وقامت كودنشا انترنشيونال بطباعة الاعمال الفائزة في كتاب مصور للأطفال صدر باللغة اليابانية2001 .

أحساس عالي

فنان لديه احساس فني متدفق يغوص في اعماق الاشياء ليظهرها لنا بشكل مدهش. أعمال هذا الفنان وأربطها ربطا بشخصه .. انهما متلازمان فلعوته يمتاز بهدوء مقيم وحديث اقرب للهمس وشفافية عامرة بمودة اللون الذي يأخذك لحلم البراءة وفيض الذكريات الحميمة , انها الاحاديث الموغلة التي تقودنا للرؤية الكامنة في اعماقنا منذالطفولة , والمشاهد والمواقف التي تراكمت من امكنة سحيقة , عندما كنا نجري خلف اسراب الفراش في حقل القرية النضير .. زمن الخريف .. او نصنع شراكا من سبيب الخيل للعصافير الملونة الصغيرة .. ليلة قمرية .. ونحن نتحلق لسارد يحكي حكايات قديمة .. هذه القيم والمشاعر والذكريات التي زابت في امشاج النفس هي التي تقودنا لمدارج اللوحة ولا تنهض امامنا الا بتلك الذكريات الحميمة التي تلتصق بالقلب والحنين .

توفي الفنان وترك خلفه أرثا فنيا خلد فيه حقبة فنية من تاريخ الفن التشكيلي السوداني لتكون شاهدا على التحولات الفنية والفكرية والمتغيرات الاجتماعية التي جسد العديد منها في لوحاته الفنية  والتي أصبحت سفرا فنيا ومصدر الهام مهم للأجيال المتعاقبة .

من اعمال الفنان 

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى