نصوص للشاعر والروائي المغربي نزار كربوط

نزار كربوط شاعر مغربي

 

 

 

 

1-

تنبيه

تنبيهٌ هذا النّص مشعٌّ كلُّ مَن فكّر في الإمساكِ بكلماتي التي تتدلّى مِن مُؤخّرة الكونِ عليه أولًا: أن يَضع قفازين من الرّصاص حتى لا تتسلّلَ الإشعاعاتُ إلى أحلامه المفتوحة على النهود البيض والأيادي النّاعمة. ثانيًا: عليه تناول جرعةً من اليود، تفاديًا لكلّ اختلالٍ هرمونيّ يُمكنه أنْ يُؤثِّر على نبضاتِ القلب، فيصبح الشِعر قاتلًا يتسلّل بعد منتصف اللّيل إلى الحناجرِ وفي يَده خِنجر مسموم وبضع استعاراتٍ مفخّخةٍ. ثالثًا: عليه وضع نظَّارات واقيةٍ من العمَى والأشواكِ حين تتطاير من أنفاس الحروفِ الغاضبة، خصوصًا تلك التي ظلّت ربعَ قرنٍ في السّجنِ الاحتياطيّ وأُدرجت في لائحةِ المُرتدِّين عن اللّغة.

 2-

حفر

حفر عثَر عالِم أركيولوجيا -نسيت اسمه- علَى ذاكرتي في صندوقٍ قديم. بعدما نظّفها بأظافره، ونفثَ عليها رياحَ السّنوات، وضعَها تحت المجهر الضّوئي، ثمّ حلّل حمضها النوويّ، فُوجئَ بكثْرة النهود المجفّفة والزّهور المكسورةِ ومِنفضة سجائر مليئَة بالأعقابِ والأصابع المنسيّة على صفحات الأيام. أنا الّذي كتبْتُ حتّى تورّم ظهري، جالستُ هواء المقاهي، وسهرتُ إلى أنْ حفظتْ كلاب اللّيل رائحةَ عرقي، التقطتُ صورَ المارّة حتى تبعتْني الظّلالُ، وسافرتُ إلى أن بَاتت أرقامُ جواز سفري موشومةً على جبيني. كلّما كبرتُ؛ صِرتُ أخفَّ من حبّة قمح بين أصابعِ فلّاح ينام باكرًا ويستفيق باكرًا ويحصد محصوله السنوي بِنبضَة قلبٍ واحدة. ملحوظة كتبها عالم الأركيولوجيا الّذي نسيت اسمه مرّة ثانية: في نهاية الأمر، الشاعر لا يمشي، وإنما الأرض بساط يُسحب من تحت قدميه.. انتهى الحفر

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى