الحرب المنسية في السودان

بقلم سلمى عبد الوهاب

تدوين – نيوز – خاص

شارف العام الثاني  للحرب الدائرة في السودان على النهاية بين الجنرالين المتحاربين علي السلطه دون التوصل الى اتفاق وحل  الحرب التي  بدات في ال 15 من ابريل في الاسبوع الاخير من شهر  رمضان          2023    حين استقيظ سكان العاصمه الخرطوم علي واقع حرب عبثيه لا ناقة لهم ولاجمل >ليتعرضوا بعد ايام قليلة من التحارب الى التشرد والضياع .

والجدير بالذكر ان الحرب خلفت اكثرمن 20 الف قتيل واكثر من 10 ملايين نازح واكثر من 2 مليون لاجيء بدول الجوارفي ظل الصراع المستمرفي السودان الذي دخل شهره السادس عشر حيث  يتفاقم الوضع الانساتي يوما بعد يوم مع تزايد معاناة الملايين من السودانيين الذين يواجهون نقصا حادا في الغذاء والادويه والماوى وفي وقت تنهار فيه الخدمات الاساسيه ويكاد القطاع الصحي ينهار تماما مع شح في الامكانيات والكوادر الصحيه تقف المنظمات الانسانيه  عاجزة امام تحديات ضخمه لايصال المساعدات الي المناطق المتضرره  من الصراع.

    في العاصمة الخرطوم يواجه المدنيون خطر الموت خلف أبواب المنازل بسبب نقص الرعاية الصحيه وتفشي مرض الملاريا والحميات, في مدن تُلقي العمليات العسكرية العبء الأكبر عليها، مع غياب الأدوات الدولية والمحلية الفعالة لإقامة ممرات آمنة، وفق عمال إنسانيين.

 والواضح للعيان ان  غالبية الأحياء المنكوبة بالحميات والملاريا والجوع تسيطر عليها قوات الدعم السريع. كما تتجدد الدعوات من النشطاء وعمال الاغاثه  قوات الدعم السريع  السماح بوصول المساعدات الطبية والإنسانية والعيادات الميدانية فورًا، وعلى منظمات المجتمع المدني الضغط على هذه القوات لإلغاء القيود العسكرية ووضع الثقة في العمليات الإنسانية لإنقاذ عشرات الآلاف من المدنيين.

لا سبيل لآلاف العائلات في الأحياء الواقعة في المناطق الساخنة بالعاصمة الخرطوم سوى اللجوء إلى المطابخ الجماعية الممولة من غرف الطوارئ والمتطوعين، للحصول على الطعام في وضع يظهر تعمق الأزمة الإنسانية في السودان بعد (16) شهرًا من القتال بين الجيش والدعم السريع.

لأن قوات حميدتي تجبر الكوادر الطبية على العمل معها لنقص الأطباء في صفوفها. غادرت المنطقة لتجنب حصار جديد يلوح في الأفق في الخرطوم بحري.

واحدة من المآسي التي تواجه عشرات الآلاف من المدنيين في الخرطوم بحري مع نقص الغذاء والدواء والرعاية الصحية، من أن استمرار الحرب وبقاء قوات الدعم السريع في الخرطوم بحري قد يؤديان إلى موت الآلاف بنهاية العام الحالي بالملاريا والجوع والحميات والوبائيات ونقص الدم.

تقع الخرطوم بحري على الضفة الشمالية من نهر النيل الأزرق، ممااضطر مئات المدنيين إلى استقلال المراكب البدائية للوصول إلى أم درمان في مناطق سيطرة الجيش، لمغادرتها إلى الولايات الآمنة شمالًا وشرقًا. ولا يمكن للمواطنين استخدام الحافلات لانهيار جسر شمبات الرابط بين المدينتين وانتشار القوات العسكرية من الطرفين على جسر الحلفايا.

وكانت غرفة طوارئ البراري الواقعه شرق الخرطوم قد أكدت تفشي الحميات والملاريا في أحياء شرق الخرطوم، مع نقص الرعاية الصحية، واضطر بعض المتطوعين إلى الطواف على المنازل لأخذ العينات من المرضى وإيصالها إلى العيادة التي تقع داخل مركز إنساني.

في ظل انسداد الأفق وغياب الأمل.

 نهاية يوليو الماضي كانت الأمم المتحدة عبر مبعوث الأمين العام إلى السودان رمطان العمامرة، تجري مفاوضات غير مباشرة بين القوات المسلحة والدعم السريع بحضور وفدي الطرفين في جنيف، لم تسفر عن نتائج على الأرض ولا تزال الشوارع والطرق محاطة بالترسانة العسكرية

ودعا البيان الصادر عن منسقة الشؤون الإنسانية بالأمم المتحدة، نكويتا سلامي،  الثلاتاء الماضي العاملين في المجال الإنساني في جميع أنحاء السودان، المجتمع الدولي إلى تكثيف الجهود لإنهاء الصراع المدمر، وضمان الوصول غير المقيد حتى تتمكن أكثر من (150) منظمة إغاثة عاملة في البلاد من الوصول إلى ملايين الأشخاص الذين يواجهون الجوع والمرض الحاد – ويواجهون المجاعة.

وأضافت: “ستحتل الأزمة في السودان والمنطقة مركز الصدارة في مقر الأمم المتحدة يوم الأربعاء، 25 سبتمبر الجاري، مكتب الأمم المتحدة لتنسيق الشؤون الإنسانية (أوتشا) والمفوضية السامية للأمم المتحدة لشؤون اللاجئين، للدعوة إلى تحرك عاجل وجماعي لدعم معالجة الكارثة الإنسانية والدفع من أجل السلام”.

وأضاف منسق الشؤون الإنسانية: “هذا هو بالضبط سبب إنشاء الأمم المتحدة: منع الحرب وتخفيف المعاناة الإنسانية. كل ساعة تمر تعني أن النساء والأطفال في أجزاء من الفاشر والخرطوم والجزيرة وسنار وغيرها من المناطق المتضررة بشكل مباشر من النزاع من المحتمل أن يموتوا بسبب الأعمال العدائية أو سوء التغذية أو المرض”.

وتابع البيان: “منذ اندلاع الصراع بين القوات المسلحة السودانية وقوات الدعم السريع في أبريل 2023، قُتل ما يقدر بنحو (20) ألف شخص وأصيب آلاف آخرون. وقد فر أكثر من (10) ملايين شخص – أو أكثر من واحد من كل خمسة أشخاص – من منازلهم، بما في ذلك (8.1) مليون نزحوا داخل السودان، و(2.4) مليون آخرين عبروا الحدود إلى البلدان المجاورة وغيرها من البلدان”.

وأشار البيان إلى نزوح (1500) شخص من الفاشر في الأيام الأخيرة، عقب تصاعد الأعمال العدائية في المدينة.

وأردفت سلامي: “مرة أخرى، أحث الأطراف على وقف الهجمات على المدنيين والمنازل والمرافق الأساسية، مثل المستشفيات، التي يحميها القانون الإنساني الدولي”.

وقال البيان إن الوضع في الفاشر وما حولها يثير قلقًا خاصًا بعد أن أكدت لجنة مراجعة المجاعة التابعة للتصنيف المتكامل لمراحل الأمن الغذائي ظروف المجاعة في مخيم زمزم للنازحين في آب/أغسطس الماضي.

وتوقع البيان أن تشهد (13) منطقة أخرى، بما في ذلك مخيمين آخرين للنازحين في شمال دارفور، ظروفًا مماثلة وتحتاج إلى الوصول والمساعدة العاجلة.

كما تحدثت منسقة الشؤون الإنسانية بالأمم المتحدة، نكويتا سلامي، عن التقارير الخاصة حول تفشي وباء الكوليرا وحالات الإصابة بالأمراض المنقولة بالنواقل التي تؤدي إلى تفاقم الوضع المزري بالفعل، الذي يواجهه الأشخاص الذين يعانون من سوء التغذية، وخاصة الأطفال والنساء.

ونقلت معلومات عن سلطات الصحة السودانية بوصول حالات الكوليرا في البلاد إلى (13) ألف حالة بينها (415) حالة وفاة خلال الشهرين الماضيين.

وقالت سلامي إنه على الرغم من انعدام الأمن وصعوبة الوصول والتحديات المتعلقة بالتمويل، قدم الشركاء في المجال الإنساني لأكثر من (8) ملايين شخص في جميع أنحاء السودان، شكلًا من أشكال المساعدة الإنسانية هذا العام، مشيرةً إلى أن المنظمات الإنسانية بدأت خلال الأسبوع الماضي بتوزيع المساعدات الغذائية الطارئة لنحو (180) ألف شخص في مخيم زمزم.

وأضافت: “عقب إعادة فتح نقطة أدري الحدودية بين تشاد والسودان، قامت وكالات الإغاثة التابعة للأمم المتحدة بنقل (135) شاحنة محملة بالإمدادات الأساسية المنقذة للحياة لنحو (520) ألف شخص عبر المعبر.

وقالت منسقة الشؤون الإنسانية: إن المساعدات من خلال أدري والغذاء للناس في مخيم زمزم، حيث تأكدت المجاعة، هي شهادة على ما يمكن أن تحققه الأمم المتحدة والشركاء في المجال الإنساني”.

وتابعت: “رغم ذلك فإن الوصول غير المقيد والتمويل الإضافي أمر بالغ الأهمية للوصول إلى المزيد من الأشخاص الذين هم في حاجة ماسة للمساعدة”.

وتضيف منسقة الأمم المتحدة في السودان: “بعد مرور تسعة أشهر من العام، لم يتم تمويل النداء الإنساني للسودان، الذي يسعى للحصول على 2.7 مليار دولار أميركي، إلا بأقل من 50% من التمويل المطلوب هذا العام”.

وحذرت من أن نقص التمويل يقيد ويحد من جهود الاستجابة التي تبذلها الأمم المتحدة والمنظمات غير الحكومية الدولية والوطنية على الأرض، بما في ذلك في دارفور والخرطوم وكردفان وغيرها من المناطق.

والتحقيقات الأمنية والقتل في بعض الأحيان لمجرد الشك في الانتماء إلى احد الطرفييين. فشلت قوات الدعم السريع في تسيير شؤون المواطنين ونشر الخدمات الأساسية، على الرغم من تعيين موظفي المجالس المحلية في جميع أنحاء العاصمة الخرطوم.

عجزت المنظمات الإنسانية عن الوصول إلى مناطق شرق الخرطوم بصورة يومية، وبالكاد تحصل على تصاريح المرور عبر سلسلة من  الاجراءات تتنافى مع تصريحات قائد الدعم السريع بالتعاون في الشأن الإنساني”.

كيف بدأت الحرب ؟

بدأت التطورات السريعة بالحدوث منذ اندلاع الثورة الشعبيه في السودان اواخر 2018  واوائل ابريل 2019  الامر الذي  اعقبه  اعتصام شعبي امام القياده العامه للجيش السوداني  في الخرطوم وتوقيع ما يسمي  بالوثيقه الدستوريه التي انهت حكم الاخوان المسلمين للسودان   لما يقارب ثلاثين عاما .. والمطالبة بوقف الحرب كيفما اتفق مطالبة حالمة لأنها لا تخاطب جذور الأزمة وتترفع عن تحليل دوافع اندلاعها واستمرارها حتى اللحظة، مثلما أن الدعوة إلى التفاوض من دون تحديد أجندة التفاوض وتعريف الحد الأدنى المقبول لنتيجته وعلى رأسها إنهاء وجود الدعم السريع والقضاء على ظاهرة تعدد الجيوش في السودان والوصول إلى جيش واحد قومي ومهني يضطلع بمهامه وفق الدستور والقانون ويخضع للسلطة المدنية وينأى عن السياسة والاقتصاد – الدعوة إلى التفاوض من دون تحديد هذه الأهدا يطيل أمد الأزمة ولا يحلها. أما دعوات “بناء جيش جديد”  من دون تحديد أسس عملية البناء هذه وفاعليها وسياقها السياسي. .

فيما يرى بعض النشطاء ان المشكلة تكمن في النظرة لهذه الحرب بوصفها صراعًا بين جنرالين على السلطة وهو تعريف صحيح في مستوى من المستويات، لكن هذه الحرب في مستواها الأعمق تنفيذ لمخطط أجنبي لوضع اليد على خيرات السودان واستغلال موارده وموانئه، وما الدعم السريع إلا أداة لتنفيذ هذا المخطط. وارتباطات الدعم السريع الإقليمية والدولية ومصادر إمدادهاالعسكري واللوجستي لم تعد خافية على أحد.

 أن “الكيزان هم من أشعلوا الحرب” أنها تعفي الأطراف المباشرين في هذه الحرب من مسؤولياتهم –بما فيها الجيش والدعم السريع والقوى السياسية التي كانت جزءًا من العملية السياسية الأخيرة التي سبقت الحرب ويُعتقد على نطاق واسع أنها فجرت التناقضات الكامنة بين الطرفين المتحاربين من دون أيّ استعداد أو قدرة على احتواء تداعياته– فحتى لو افترضنا أن “كوزًا” ما أطلق الرصاصة الأولى في هذه الحرب، فإن ذلك لا يفسر اتساع رقعتها لتشمل معظم –إن لم يكن كل– المواقع العسكرية التي يرتكز فيها الدعم السريع على مقربة من الجيش، فالهجوم كان متزامنًا على المواقع العسكرية والإستراتيجية في العاصمة الخرطوم والولايات، ما أدى إلى وقوع القصر الجمهوري بالخرطوم ومنطقة الخرطوم المركزية العسكرية ومقر الإذاعة والتلفزيون بأم درمان ومواقع مهمة أخرى في يد الدعم السريع في الساعات الأولى من الحرب، فضلًا عن إفشال هجوم على قصر الضيافة في القيادة العامة للجيش بالخرطوم كان يستهدف اغتيال قائد الجيش عبدالفتاح البرهان أو اعتقاله – حسب ما صرّح قائد الدعم السريع محمد حمدان دقلو المعروف باسم “حميدتي” في مداخلاته التلفزيونية خلال الساعات الأولى من الحرب وإشعال الحرب من جانب “الكيزان”– استمرارها أكثر من سنه ونصف ، وإلا فما الذي يمنع الطرفين من وقف حربٍ أشعلها طرف ثالث، طوال هذه المدة

أحدثت مجزرة اعتصام القيادة العامة  جاء الخامس والعشرين من أكتوبر 2021 ليعمق هذا الشرخ ويزيد من اتساع الهوة بين الجيش وثوار ديسمبر، ولا سيما مع انتهاكاته الجسيمة خلال الاحتجاجات، والتي شملت فتح النار على المتظاهرين السلميين ومطاردتهم في الشوارع بالمركبات العسكرية في وسط الخرطوم لأنهم ينادون بالحكم المدني و المطالبه بحلّ “مليشيا الجنجويد” التي يقاتل الجيش اليوم لإخضاعها لسيطرته وشروطه في الدمج والتسريح في الأعوام الماضية ..

 النخبة السودانية أزمة واقعية هي نتاج فعلها التاريخي أو قل نكوصها عن الدور التاريخي الواجب فعله، فإنها تعاني أيضًا من التحولات الضخمة في سياق الدور والوظيفة والفاعلية والحضور، مما فاقم من أزمتها وضاعف من تركيبها وتعقد مسارها بعد أن تراجع دورها الطليعي ووصايتها العامة على القيم المشتركة المتعلقة بالحقيقة والحرية والعدالة.

تعاني النخبة السودانية الموصومة بالفشل ذات الإشكاليات المطروحه ، وتزيد عليها بخوضها في المعترك العمومي بزاد قليل من الصبر على التغيير واستعجال ثمرة السلطة والتبرير لصاحب الصولجان والاستعانة بالعسكر في حسم الصراعات المدنية أو بالأجنبي أو بصنع المليشيات ذات الطابع القبلي وتثوير الأطراف على أنها هامش بنيوي أو بنية هامشية، مع أن المركز نفسه مثّل على امتداد التاريخ هامشًا مكثفًا. وبرغم أن الصراع الراهن والمتخذ أقصى أدوات تعبيره عنفًا هو من خلق النخبة وسوء تصريفها للأمور، وبرغم أنه أتى على حلة الاستقرار الهش الذي تعيشه البلاد منذ زمن بعيد قضى بانفصال ثلث مساحته وربع سكانه، وأن الحرب غير منظورة من حيث آثارها وظلالها الإنسانية

 6سبتمبر 2024طالبت بعثة تقصي الحقائق في السودان التابعه للام المتحده الجمعه بتوسيع ولاية المحكمه الجنائية الدوليه لتشمل كافة الاراضي السودانيه

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى