بلينكن وبايدن يتبنّيان خطط نتنياهو ويحاولان شرعنة احتلال غزة

تدوين نيوز – متابعة
يبدو أن الإدارة الأميركية قد تماهت بشكل كامل مع خطط رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو الرامية لاحتلال قطاع غزة بشكل دائم تحت مظلة حالة الشعور بضعف المقاومة وتراجع إمكانية توجيه ضربة كبيرة من إيران وحزب الله اللبناني لإسرائيل، كما يقول خبراء.

فقد بدأ الرئيس الأميركي جو بايدن ووزير خارجيته أنتوني بلينكن تحميل حركة المقاومة الإسلامية (حماس) مسؤولية عدم التوصل لاتفاق وقف إطلاق نار استنادا للمقترح المطروح حاليا والذي تقول الحركة إنه ليس إلا فرضا لشروط نتنياهو وانقلابا على المقترح الذي قبلته المقاومة في يوليو/تموز الماضي.

محاولة فرض الاحتلال

ووفقا للمحلل السياسي أحمد الحيلة، فإن الولايات المتحدة حاليا تحاول فرض الاحتلال الإسرائيلي على القطاع بعدما أقنعها نتنياهو بأن “محور المقاومة” ليس قادرا على ضرب إسرائيل وبعد تراجع احتمالات الرد القوي من إيران وحزب الله على اغتيال إسماعيل هنية في طهران وفؤاد شكر في بيروت.

وحسب ما قاله الحيلة في برنامج “غزة.. ماذا بعد؟”، فإن الورقة الأخيرة التي يدعو بلينكن حماس لقبولها إذا كانت تريد وقف الحرب مبنية بالأساس على شروط نتنياهو، وهو ما أكده الأخير بنفسه في بيان رسمي صادر عن مكتبه.

والآن، فإن وزير الخارجية الأميركي “صمم مقترحا وفق شروط نتنياهو” التي يمكن تلخيصها في إعادة احتلال غزة، كما يقول الحيلة، مشيرا إلى أن الإدارة الأميركية “توافقت بشدة مع رئيس الوزراء الإسرائيلي وهو أمر يمكن تلمسه في الهجوم الواسع على حماس لتحميلها المسؤولية بينما هي لم تعلق يوما على رفض نتنياهو المعلن لكل اتفاق تم تقديمه من مقترحات”.

ويرى الحيلة أن هذا التبني الكامل لخطط نتنياهو “يعطل عمل الوسطاء لأن الأميركان يبدون مقتنعين بحديث نتنياهو عن حالة ضعف طرف المقاومة والتي ربما تجبره على قبول كل شيء تحت الضغط”.

في المقابل، يقول الباحث في الشؤون السياسية والدولية ستيف هايز إن تفاؤل الولايات المتحدة بإمكانية التوصل لاتفاق أكثر من أي وقت مضى “يعود إلى فهمهم أخيرا للخطوط التي يمكن لنتنياهو القبول بأي صفقة طالما أنها تتضمنها”.

وأشار هايز إلى أن رئيس الوزراء الإسرائيلي “لم يكن يوافق على أي اتفاق حتى في الكواليس، وكان مبهما وغامضا طوال الوقت ولم يفصح عن الحدود التي يمكنه القبول بها في أي اتفاق إلا خلال زيارة بلينكن الأخيرة لتل أبيب، وهو ما جعل واشنطن متفائلة بإمكانية التوصل لصفقة”.

نتنياهو مراوغ ومثابر

لكن الخبير في الشأن الإسرائيلي مهند مصطفى يرد على حديث هايز بقوله إن نتنياهو ليس مبهما ولم يكن كذلك يوما، وإنه واضح ومثابر منذ البداية ويردد شروطه المتمثلة في السيطرة على محور فيلادلفيا وعدم وقف الحرب قبل القضاء على حماس في كل مكان، وهو الآن يشترط التدخل في عدد الأسرى الذين سيفرج عنهم من الجانبين.

واستدل مصطفى على حديثه بما قاله مدير جهاز الموساد ديفيد برنيع لذوي الأسرى عندما أخبرهم بأنه “لا يمكن الموافقة على صفقة في ظل المنظومة السياسية الحالية”، وهو ما أكدته العائلات.

لذلك، يرى مصطفى أن نتنياهو واضح ويراوغ ويضع شروطا يعرف أن حماس لن تقبلها، مؤكدا أن بنية الحكومة الحالية لن تقبل بأي اقتراح لوقف الحرب حتى لو كان أميركيا.

ووفق هايز، فإن الولايات المتحدة “ستواصل دعم إسرائيل وهذا أمر مفروغ منه ولا يجب أن يكون صادما لكن مصر وقطر لم تقولا إن المقترح تم تعديله كما تقول حماس، وهذا هو مبعث تفاؤل واشنطن على ما يبدو”.

لكن أحمد الحيلة يرد على هذا الكلام بقوله إن واشنطن تدرك أن تبنيها لخطط نتنياهو سيغلق مسار التفاوض، وإن اعتراضها الوحيد يتمحور حول بقاء قوات الاحتلال في محود نتساريم؛ لأنها لن تتمكن من إقناع الوسيطين (مصر وقطر) بهذا الأمر.

ولفت إلى أن مصر لا تزال صامتة حتى الآن على وجود إسرائيل في فيلادلفيا رغم أنه مخالف لاتفاقية كامب ديفيد التي تحظر وجود قوات إسرائيلية في هذه المنطقة، مضيفا أن “أميركا تتحمل مسؤولية هذا الوضع الملتبس والمثير للمخاوف، وقد قال وزير خارجية مصر بدر عبد العاطي صراحة -خلال زيارة بلينكن- إن القاهرة لا تريد أن يبقى نتنياهو معرقلا للاتفاق”.

ورغم أن هايز لا يخفي قلقه من سلوك نتنياهو وقدرته على عرقلة أي مفاوضات، فإنه في الوقت نفسه يدفع بأن تفاصيل الاتفاق محل الحديث ليست معروفة، وقال إن التسريبات التي تخرج من إسرائيل هي التي تعرقل كل صفقة.

إسرائيل لا تتفاوض دون خوف

في الأخير، يرى مهند مصطفى أن إسرائيل لم تقدم يوما على عملية سياسية طالما أنها تشعر بالأمن، مشيرا إلى أن تراجع احتمالات رد قوي من إيران وحزب الله بعدما نجحت واشنطن في تهدئة حالة الغضب من خلال المفاوضات، منوها بأن نتنياهو ليس مضطرا لتوقيع اتفاق، خصوصا أنه أصبح يتحرك تحت حماية أميركية واضحة.

وقال مصطفى إن الولايات المتحدة “يمكنها إجبار نتنياهو على التوصل لاتفاق لو أنها حمّلته رسميا مسؤولية تعطيل المفاوضات، لكنها تواصل تحميل حماس المسؤولية كلها وتعطيه مبررا أمام الجميع في الداخل والخارج”.

ومع ذلك، يقول الحيلة إن حماس لن ترفض المفاوضات لكنها ستتعامل معها حسب مقتضيات الموقف، مشيرا إلى أنها ترى ما يجري محاولة شراء وقت لصالح نتنياهو.

وخلص الحيلة إلى أن المقاومة “لن يكون أمامها سوى مواصلة حرب الاستنزاف وصولا إلى انسحاب إسرائيل أو اندلاع حرب أوسع في المنطقة”، مضيفا “لو ردت إيران وحزب الله بقوة على إسرائيل فسيرد نتنياهو على الرد بحثا عن حرب أوسع وربما يكون هذا هدفه من تعطيل الصفقة”.

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى