سلطة السلاح المنفلت وسطوته على الشارع العراقي
بقلم رئيس التحرير / عصام حسن العلي
تدوين نيوز – خاص
ينفرد العراق دوناً عن جيرانه الاقربين والابعدين بالسلاح المنفلت ،وبنظرة سريعة الى دول الجوار العراقي سنجد ان لا احد من هذه الدول يسمح لمواطنيه او احزابه ان وجدت بامتلاك السلاح غير المرخص وحتى وان امتلك احدهم قطعة من السلاح فهناك ضوابط كثيرة عليه الالتزام بها ، فهل سمعتم او شاهدتم يوما الكويت والامارات والسعودية وقطر والأردن وتركيا وحتى ايران يعج بها السلاح وان مواطنيها سواء كانوا قبائل او افراد يتقاتلون بالأسلحة الخفيفة والثقيلة في نزاعاتهم ، السبب وراء منع حمل السلاح في هده الدول والدول الأخرى هو طلباً للأستقرار وعدم إشاعة الفوضى .فالسلاح المنفلت ينتج فوضى كبيرة قد يصعب السيطرة عليها بسهولة .
العراق ومنذ عام 2003 الى يومنا هذه والسلاح بيد المواطنين والأحزاب بفصائلها القتالية دون ترخيص واجزم بأنه لا توجد عائلة عراقية ألا وتملك قطعة او قطعتين من الأسلحة الخفيفة وبعض هذه العوائل يمتلكون حتى أنواع الأسلحة الثقيلة .
عندما تسأل أي مواطن عراقي لماذا تقتني السلاح ، سيجيبك بسهولة ” لكي احمي نفسي وعائلتي بها ” والسؤال هنا ، من أي خطر يهددك تذود بها عن نفسك ؟ وهنا يبدا المواطن بألقاء الحجج الواهية على مسامعك لتبرير امتلاكه السلاح ، والحقيقة ان من يصنع الأمان والاستقرارهو المواطن نفسه بالدرجة الأولى عن طريق التزامه بالقيم الاجتماعية المستندة الى الاخلاق والمنطق وليس تلك التي تشجع على الانتماء القبلي ،وكذلك التزامه أيضا بالقوانين التي تصدر عن مؤسسات الدولة لحمايته وضمان بقائه على قيد الحياة .
ما يحدث الان ومنذ عشرون عاما مضت انتشرت الفوضى بشكل لا يصدق حتى وصل الحال الى الاستهتار بحياة الناس دون اعتبار للقيم للسماوية والاجتماعية ، واضحى كل مواطن مهيئ لقتل الاخر لاسباب تافهة جدا مدعوما بعشيرته ، وبنفس الوقت أصبحت حياة كل مواطن معرضة للخطر في ظل الانفلات والفوضى .
ولكي تستمر الفوضى والتي تقف ورائها دول متعددة قد يتصارع البعض منها على ارض العراق ، بالإضافة الى الجهل المستشري بين المواطنين عملت هذه الدول على المحافظة على مسببات الفوضى وتعزيزها بأدوات أخرى موازية لديمومتها واستمرارها ، فأذا اسلمنا ان اهم أدوات الفوضى هو السلاح المنفلت فما بالك اذا عززتها بالمخدرات فالنتيجة قتل مجاني لأسباب واهية . اضف الى ذلك النزاعات والخلافات العشائرية المدعومة بالمال من قبل جهات خارجية وداخلية لإشاعة الفوضى.
اما ما يخص الأحزاب وترسانات الأسلحة التي تمتلكها واستعراضاتها العسكرية وتبعيتها لدول متعددة هي حكاية أخرى يعلمها الجميع وبات الحديث عنها يثير الاشمئزاز.
بالرغم من الكشف عن الأسباب التي أدت الى شيوع الفوضى في العراق والتي بات الجميع يعرفها والدول التي تقف ورائها، الا ان الأداء الحكومي فيما يخص فوضى السلاح التي تسود العراق ضعيف جدا ويكاد لا يذكر، فكيف لدولة مثل العراق تمتلك قوة عسكرية كبيرة وسلطات امنية متعددة لا تستطيع الحد من هذه الظاهرة.
وبأعتقادنا ان الأسباب التي تجعل أداء الحكومات التي اعتلت السلطة ضعيف بهذا الخصوص يتلخص في عدة نقاط هي :-
- الأوامر التي تتلقاها الحكومات العراقية من الدول التي لها اليد الطولى في اتخاذ القرارات الحكومية، وبهذا الصدد فأن كل حكومة عراقية تتصدر هرم السلطة تُملى عليها بعض السياسات المرسومة مسبقا من قبل الدول الداعمة لها، وتعتبر هذه السياسات خطوط حمراء لا يجوز تجاوزها والا فالسقوط سيكون مصير كل حكومة، كما حصل مع حكومة عادل عبد المهدي.
- العامل الاخر هو المطالب الحزبية والاتفاقات التي تحدث بينها في سبيل إبقاء أي حكومة على رأس السلطة، وهنا لا يجوز لاي حكومة تجاهل هذه الاتفاقات اوالعمل بدونها
- التملق والتقرب للعشائر من اجل مكاسب انتخابية ، اذ لم يضغط أي رئيس وزراء من الحكومات التي حكمت العراق على أي عشيرة لسحب السلاح منها خوفا على فقدان الأصوات الانتخابية ، والا يتوقف الامر على رؤساء الحكومات بل ان رؤساء البرلمان لهم نفس المطامع مع العشائر . وان كل رئيس وزراء او برلمان يقوم بتعين جيش من المستشارين اغلبهم من أبناء شيوخ العشائر او شيوخ العشائر انفسهم لضمان أصوات هذه العشيرة او تلك .
في ظل هذه الأسباب سيطول بقاء السلاح في الشارع وستبقى الفوضى مصاحبة لبقائه، ان لم تكن الحكومة جادة في اتخاذ موقف صارم وحاسم في معالجة هذا الملف ،لما له من تأثير على كافة مفاصل الحياة في العراق وبالذات الاقتصادية منها خاصة والعراق مقبل على انفتاح اقتصادي عالمي .