قصة قصيرة بعنوان ” المصعد الذي هبط الى الجحيم ” من مجموعة حكايات شريرة

تأليف بير لاكركفيست ترجمها عن السويدية علي سالم

المترجم علي سالم

تدوين نيوز – خاص

المصعد الذي هبط الى الجحيم

HISSEN SOM GICK NER I HE

 من مجموعة “حكايات شريرة

تأليف  بير لاكركفيست  Pär Lagerkvist

فتح يونسن مدير الحسابات مصعد الفندق الأنيق، ودلف الى الداخل هو وتلك المخلوقة الرقيقة الفائحة برائحة العطر ومساحيق التجميل التي كان يعشقها. جلسا متلاصقين على المقعد الوثير وبدأ المصعد بالنزول. رفعت الآنسة الصغيرة فمها نصف المفتوح المبلل بالنبيذ وبادلته القبل. لقد تناولا العشاء في الشرفة، تحت النجوم، والآن كانا في طريقهما الى خارج الفندق لقضاء وقت ممتع. – همست له قائلة كم استمتعنا بالوقت هناك في الشرفة، يا حبيبي. يالها من شاعرية بالغة أن أجلس معك هناك. هل تحبني حقاً؟ أجابها مدير الحسابات بقبلة طالت أكثر من الأولى، وواصل المصعد الهبوط. قال لها كم كان جميلاً إنك أتيت يا صغيرتي. ولو كنت قد تخلفت عن المجيء لكنت الآن في حيرة من أمري.

– نعم، لكن ثق بأنه كان لا يطاق. ففي اللحظة التي شرعت اعد بها نفسي للخروج بدأ يسأل الى أين كنت ذاهبة. فقلت له بأني اعتقد بان أملك الحق في الذهاب حيثما شئت. فأنا على أية حال لست سجينة. ثم جلس وأخذ يحدق بي طوال الوقت وانا أستبدل ثيابي، ثم ارتديت فستاني البني الفاتح، هل تعتقد أن هذا اللون يناسبني، ما الذي يناسبني حقاً، برأيك؟ ربما كان الوردي، على الأقل؟

– كل الألوان تليق بك، يا حبيبتي، قال مدير الحسابات، لكني لم أشاهدك بكل هذا البهاء من قبل. وفتحت معطف فرائها الوثير ورف على وجهها طيف ابتسامة رائعة وأطبقت على فمه بقبلة طويلة، واستمر المصعد بالهبوط.

– ثم عندما انتهيت من تبرجي وهممت بالخروج مد يده وامسك بي، وضغط على معصمي بقوة لازلت اشعر بآثارها الأليمة الى الآن، ولم يفه بكلمة واحدة. إن وحشيته تفوق التصور والخيال! وداعاً اذن، قلت له. لم يكن يفهم أي شيء، ولا كلمة حتى، ليس ثمة رادع لوحشيته، وليس بوسع المرء أن يتحمله.

– يا لفتاتي الصغيرة المسكينة، قال المحاسب يونسون.

– قد يحسبني البعض خالية الوفاض من العناء ولا احتاج لشيء غير ذلك النكد أتسلى به. انه متجهم مثل قبر ولاتستطيع مياه الابتسامة أن تشق لها طريقا في ارض روحه الوعرة، لا يستطيع أن يتعامل مع أي شيء ببساطة وعفوية، كما لو أن المسألة كلها مسألة حياة أو موت.

–  مسكينة يا صغيرتي، ما أكبر عنائك!

– آه ثم آه، لقد عانيت الكثير. عناء لا يحتمل! لم يشهد أحد مثيلاً له.

– حبيبتي! قال يونسون وأحاطها بذراعيه، واستمر المصعد بالنزول.

– تخيل، قالت، عندما منحها العناق أخيراً متسعاً للكلام، تخيل روعة جلوسي بصحبتك هناك في الشرفة وسط النجوم وهدهدة الأحلام – لن أنسى هذا المشهد ما حييت. لن يكون هذا الأمر ممكناً مع شخص آخر مثل آرفيد، لأن ذلك المشهد الساحر لن يفلح في كسر جمود روحه. لا فسحة للشعر في قلبه، لأنه غير قادر فهمه.

– حبيبتي، انه شيء لا يطاق

– نعم، لا يطاق، اليس كذلك؟ واصلت الحديث ومنحته يدها مبتسمة، لماذا نضيع الوقت بالجلوس والتفكير بهذا الأمر. دعنا نخرج الآن ونستمتع بوقتنا! تحبني حقاً، اليس كذلك؟

همهم الرجل بنعم واحتضنها ثانية بقوة حتى طارت أنفاسها لهفة، واستمر المصعد بالهبوط. عانقها وشرعت يداه تمسدان لحمها البض، فتضرج خداها بحمرة الخجل النضرة.

-هل سنمارس الحب الليلة … كما لم نمارسه من قبل؟ همس في أذنها. ضمته الى صدرها وتركت جسدها يلتصق به بقوة وأغلقت عينيه، وهبط المصعد وهبط وهبط دون توقف. وأخيراً هب يونسون واقفاً على قدميه وقد تضرج خداه بالحمرة.

– لكن ماهي مشكلة هذا المصعد! صاح قائلاً. لماذا لا يتوقف؟ لقد جلسنا وتحدثنا لوقت طويل، اليس كذلك؟

– نعم، صحيح، لقد فعلنا ذلك بالتأكيد، الوقت يمر بسرعة.

– صحيح، لكن بحق السماء، ألم نجلس بمافيه الكفاية وأكثر؟ ما المقصود بهذا؟ ماذا حدث؟ وحدق عبر مشبك المصعد. لم يكن ثمة غير طبقة كثيفة من الظلام الدامس هناك. واستمر المصعد بالهبوط دون توقف نحو الأعماق السحيقة المظلمة بإيقاع رتيب وسريع.

– ماذا يحدث بحق السماء، ما معنى هذا؟ يبدو كما لو أننا نهبط في جوف هوة بلا قرار. وكأننا كنا نهبط ونهبط منذ الأزل.

حاولا النظر الى قعر الهاوية. كان الظلام دامساً وكثيفاً. ولم يكن بوسعهما فعل أي شيء غير الهبوط المتواصل داخل فم الهاوية المظلمة التي فغرت فاهها تحت أقدامهما.

-إن هذا المصعد ذاهب بنا الى الجحيم، صاح يونسون.

– أواه يا حبيبي، صاحت الفتاة شاكية باكية وتشبثت بذراعه، أنا خائفة جداً، اسحب عتلة المكبح الى الأسفل. وفعل يونسون كل ما بوسعه لإيقاف المصعد، لكن كل جهوده باءت بالفشل. واستمر المصعد يهبط الى قعر الهاوية بعناد ورتابة وكأنه مقيم على هذه الحال منذ الأزل وسوف يستمر على هذه الحال ما شاء له ذلك الى الأبد.

– انه أمر رهيب جداً، صاحت المرأة، ماذا سنفعل، ماذا سيحل بنا؟

– نعم، ماذا بوسع المرء أن يفعل في مثل هذه الحال، بحق الشيطان؟ انه الجنون بعينه.

تحطمت معنويات الآنسة الصغيرة وأجهشت بالبكاء.

– كلا، كلا يا عزيزتي، ليس على هذا النحو، يجب أن نفكر بشكل عقلاني. ليس بإمكاننا فعل أي شيء. لذلك، اجلسي. نعم هكذا، دعينا نجلس جنبا الى جنب ونهدئ من روعنا قليلاً، لنرى جلية الأمر. لابد لهذا المصعد اللعين أن يتوقف في النهاية. جلسا في مكانيهما على المقعد الموجود داخل المصعد وأخذا ينتظران ماذا سيحدث.

– تخيل، قالت الفتاة، لا أصدق أن أمراً كهذا كان سيحدث، لقد كنا في طريقنا الى الخارج للاستمتاع بهذه الأمسية معاً.

– نعم، اللعنة على هذه المصادفة السخيفة، قال يونسون.

– هل تحبني حقاً؟

– حبيبتي، صغيرتي، قال يونسون وضمهما الى صدره، واستمر المصعد بالهبوط. وأخيراً توقف على نحو مفاجئ. وغمرهما ضوء ساطع يبهر العيون. لقد وجدا نفسيهما في الجحيم. وفتح الشيطان مشبك المصعد بأدم جم.

– طاب مساءكما، قال الشيطان وانحنى لهما انحناءة كبيرة. كان أنيقا، ببدلة توكسيدو كانت تتدلى فوق الفقرة العليا لظهره المغطى بالشعر كما تتدلى قطعة قماش من مسمار كبير صدئ. خرج يونسون وخليلته من المصعد وهما يشعران بالدوار.

– أين نحن بحق الاله!؟ صرخ الاثنان مذعورين أمام هذا التجلي المرعب.

وشرع الشيطان يشرح لهما طبيعة الموقف بشيء من الحرج.

– لكن الأمر ليس بهذا السوء الذي يبدو عليه، وبعد هنيهة أردف على عجل، أرجو أن يستمتع السيد والسيدة بليلة ممتعة حقاً. يبدو لي انكما هنا لقضاء ليلة واحدة فقط، اليس كذلك؟

– نعم، نعم! صاح يونسون بصبر نافذ، ليلة واحدة فقط. لا نفكر بالبقاء، كلا أبدا! تشبثت الآنسة الصغيرة بذراعه بيد مرتعشة من الخوف. كان النور شديد الحدة وكان ينوس بين الخضرة والصفرة الكابية بحيث لم يكن بمقدورهما رؤية أي شيء، لكن المكان بدا لهما فائحاً بأبخرة حرارة خانقة. وعندما شعرا بشيء من التأقلم على المكان يدب في حواسهما اكتشفا انهما كان يقفان في ساحة كان ينتصب في أحد أركانها المظلمة منزلاً ذو مداخل متوهجة، النوافذ كانت محجوبة بالستائر لكن المرء كان بوسعه أن يلمح عبر الشقوق والفتحات سعير النار المشتعلة في الداخل.

– هل يحب السيد والسيدة بعضهما البعض؟ تساءل الشيطان. – نعم، نحب بعضنا البعض بلا حدود، ردت السيدة الشابة وعبرت عيناها الجميلتان نظرة حالمة.

– اذن تفضلا من هنا، أجاب الشيطان والتمس منهما بكياسة ولطف شديدين أن يتبعاه. وانزلقت أقدامهما بعض خطوات ودلفا الى داخل زقاق جانبي معتم متفرع من الساحة. في نهاية الزقاق وجدا نفسيهما أمام مدخل قذر ينيره مصباح عتيق ومتصدع.

– تفضلا، هذا هو المكان. وفتح الباب وأنسحب عائداً الى الوراء بهدوء.

ما أن دفعا باول خطواتهما الى الداخل، حتى وجدا في استقبالهما شيطانة جديدة، وقحة ومتملقة وذات أثداء كبيرة متهدلة، وعلى جوانب لحيتها المحيطة بفمها كان ثمة مسحوق كعك بنفسجي. انبعثت من فمها المفتوح ابتسامة تشبه الفحيح، كما ينبعث هواء محبوس داخل بالون، ولمعت في عينيها الشبيهتان ببزر الفلفل نظرة متساهلة من التواطيء الجنسي، كانت تثبت بإحكام حول قرنيها النابتان في جبهتها خصلات شعرها وتزين ذوائبها بشرائط صغيرة من الساتان الأزرق.

-أوه، انهما السيد يونسون والسيدة الصغيرة، قالت مرحبة، حسناً إذا سيكون محلكما في الرقم 8. وسلمتهما مفتاحاً كبيراً. وصعدا السلم المعتم المبقع بالدهون. كانت درجات السلم عريضة جداً بحيث يمكنك الانزلاق عليها وكان المكان على ارتفاع سلمين. عثر يونسون على الرقم ثمانية ودلف الاثنان الى الغرفة. كانت الغرفة متوسطة الحجم وعتيقة. في منتصف الغرفة انتصبت طاولة مغطاة بقماشة مهلهلة، ونصب الجدار كان ثمة سرير عليه ملاءات ناعمة. شعرا بأن المكان كان مريحاً. خلعا ثيابهما وشرعا يتبادلان قبلاً طويلة.

انسل رجل الى داخل الغرفة من باب آخر دون ضجة، كان يرتدي بذلة نادل، وقميص أنيق ونظيف جداً لدرجة انه كان يعكس على نحو شبحي ضوء الغرفة شبه المعتم. كان يتحرك بصمت ودون جلبة ولم يكن ثمة أي وقع لخطواته عندما كانت تلامس الأرضية وهو يسير، حركاته كانت ميكانيكية مثل حركات شخص غائب عن الوعي. ملامح وجهه كانت قاسية، وعيناه الجاحظتان كانتا تحدقان بجمود في الفراغ المنفتح أمامهما. كان وجهه مغطى بغلالة من شحوب قبري، وفي صدغه يشخب ثقب أحمر لرصاصة كانت قد استقرت هناك. رتب محتويات الغرفة، ومسح مرآة الزينة المنتصبة فوق خزانة الثياب، ووضع أناء التبول وسلة النفايات في مكانيهما المعتادين. لم يعيرا الرجل الذي ولج الى الغرفة كبير اهتمام، ولكن عندما هم بالخروج قال يونسون: نحتاج الى بعض النبيذ هنا، وليكن نصف زجاجة من الماديرا! انحنى الرجل وغادر الغرفة. خلع يونسون أردان قميصه. وشعرت الآنسة بشيء من التردد في الانخراط في المشروع الغرامي الذي شرع يجري التحضير له الآن.

– لقد جاء النادل ثانية، قالت الفتاة.

– يا للقرف، لا يحتاج المرء الى الشعور بالحرج في مكان كهذا، اخلعي ثيابك فقط، يا صغيرتي. شرعت الفتاة تخلع ثيابها، وسحبت بغنج لباسها الداخلي الى الأسفل وجلست في حجره. كان المشهد مفعماً بالجمال. تخيل، همست الفتاة في أذنه، روعة هذه اللحظات التي تجمعنا معاً، أنت وأنا، في هذا المكان، لوحدنا، في هذا المكان الغريب المفعم بالرومانسية. انه مليء بشاعرية لا تنسى ابدأ….

– يا فاتنتي الصغيرة، قال الرجل، وجذبها اليه ليغيبا في قبلة طويلة.

دخل النادل الى الغرفة مرة أخرى. ووضع الكؤوس بصمت وبحركات ميكانيكية على الطاولة، ثم شرع يصب النبيذ في الكؤوس. غمر نور المصباح المنصوب على الطاولة وجهه. لم يكن ثمة شيء مميز في وجهه إلا انه كان شاحباً شحوب الموتى وعلى صدغه ثقب أحمر لطلق ناري. عندما نظرت الفتاة اليه قفزت من مكانها مذعورة وأخذت تصيح:

–  يا الهي! أنه آرفيد، هل أنت آرفيد حقاً، هل أنت آرفيد حقاً! يارب السماوات، انه ميت! لقد أطلق النار على نفسه! لم يؤثر هذا الصراخ في الرجل الذي ظل واقفاً في مكانه بلاحراك، محدقاً في الفراغ. لم يكن يبدو على وجهه اي تعبير عن الألم، كان الوجه مغطى بمسحة عميقة من التجهم والجمود فقط.

– لكن يا عزيزي آرفيد، ماذا فعلت بنفسك؟ كيف تجاسرت على ارتكاب هذه الفعلة الشنيعة! واه عليك يا عزيزي، لو كنت أشك في أنك كنت ستفعل بنفسك هكذا لما كنت خرجت. لكنك لم تكن تكلمني ابداً. لم تقل لي أنك تحبني، حتى ولا كلمة واحدة! كيف كان يمكن لي أن أعرف ذلك وأنت صامت دوماً ولاتفوه بشيء، أوه ياآلهي …! ثم شرعت ترتعد من رأسها حتى أخمص قدميها. أخذ الرجل ينظر اليها كما لو انه كان ينظر الى امرأة غريبة لم يشاهدها من قبل في حياته، كانت نظراته الجليدية الغائمة قادرة على اختراق كل شيء. ثم انتاب وجه الرجل المصبوغ بشحوب أصفر الق مفاجئ، لكن الدم لم ينز من الجرح الموجود في الصدغ، لقد كان مجرد ثقب.

-هذا رهيب، رهيب! صرخت الفتاة. لا أريد البقاء هنا! يجب أن نغادر فوراً. لا أستطيع تحمل المزيد! والتقطت فستانها ومعطف فرائها وقبعتها وهرعت على عجل الى خارج الغرفة، يتبعها يونسون. هبطا السلم، وجلست الفتاة، وتلوث ذيل ردائها ببقع الزيت ورماد السجائر. في الأسفل كانت تقف الشيطانة العجوز التي حلما رأتهما انفرجت لحيتها الكثة عن ابتسامة حانية متفهمة، وحيتهما بحركة من قرنيها.

بعد أن هبطا الى الشارع شعرا بشيء من الهدوء. ارتدت الفتاة ثيابها، وعالجت وجهها بشيء من البودرة. أحاط يونسون خصرها بذراعه، وجفف دموعها الموشكة على السقوط بالقبل، لقد كان بارعاً جداً. تحركا باتجاه الساحة. كان الشيطان الأكبر يتجول هناك، وقادتهما خطاهما اليه مرة أخرى.

– هل انتهيتما بهذه السرعة، قال زعيم الشياطين، آمل أن يكون السيد والسيدة قد استمتعا بوقت طيب.

– لا بل رهيب ومقرف، قالت الفتاة.

– كلا، لا تقولي ذلك، لا يمكن أن يكون الوضع هكذا. لابد أن تكون السيدة قد شاهدت مثل هذا الأمر من قبل في العالم العلوي، انه مختلف بعض الشيء. لكن هنا في الجحيم لا يمكن للمرء أن يتذمر من شيء. نحن نقدم كل ما لدينا لكيلا يلاحظ المرء شيئاً على غير ما يرام، ولكي يعتقد بان الوجود في هذا المكان في غاية البهجة.

– نعم، قال السيد يونسون، يبدو أن المكان أفضل مما كان يتصوره المرء، انه أكثر إنسانيه مما كنت أتخيل على الأقل، اليس كذلك؟

– نعم، نعم، قال الشيطان، لقد تم تجديد المكان، أعيد تصميمه بالكامل، طبعاً.

– بالتأكيد، يجب بالطبع أن يتماشى مع آخر صرعة.

– نعم، لا تجد هذه الأيام غير الأرواح المعذبة.

– اشكر الرب على ذلك، قالت الفتاة. وقادهما الشيطان بلطف الى المصعد.

– أتمنى لكما أمسية سعيدة، قال الشيطان، وقبل الأرض بين يديهما، أهلاً وسهلاً بكما في المرة القادمة. أغلق باب المصعد عليهما، وشرع المصعد بالصعود.

– حمداً لله على نهاية هذه التجربة، قال كلاهما، وعانق أحدهما الآخر وهما جالسان على أريكة المصعد. – لولا وجودك معي لما تمكنت من تجاوز هذه المحنة، همست له. سحبها اليه وأطبق على شفتيها بقبلة طويلة.

– كيف بربك، قالت وهي تسترد أنفاسها التي ذابت في حرارة العناق، سمح لنفسه بارتكاب فعلته الشنيعة تلك! لكن هذا كان ديدنه على الدوام، لقد كان رأسه دوماً مأوى للأفكار الغريبة والشاذة. لم يكن يأخذ الحياة ببساطة وعفوية ابدأً، ويحمل الأمور فوق ما تحتمل. وكأن كل شيء كان بالنسبة له مسالة حياة أو موت.

– إنها مهزلة، قال يونسون.

– كان بوسعه أن يخبرني، ولو كان قد فعل، لما كنت قد غادرت المنزل ولما حدث ما حدث، ولكنا قد

خرجنا معاً في مساء آخر.

– صحيح ما تقولين، قال يونسون، كان بإمكاننا الخروج في مساء آخر.

– لكن يا حبيبي، لماذا نجلس هنا ونواصل التفكير في هذا الأمر، همست اليه وطوقت عنقه بذراعيها، لقد انتهى الأمر الآن.

– نعم يا صغيرتي، لقد انتهى الأمر. شبك ذراعيه حول خصرها، وواصل المصعد الصعود.

  • تمت –

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى