قصة قصيرة بعنوان ” النادلة “
بقلم / احمد حسين

تدوين نيوز – خاص

اسمع يا صديقي دعني أحدثك عن هذه النادلة تدير هذا المكان منتصف الظهيرة حتى ساعة متاخرة من الليل ..هذه النادلة امها كانت هناك في الطرف الاخر من الشرق حيث النهرين يشقّان بطن الارض مثل حربتين في خصر هذا الكوكب …هههه امها ماتت هناك اثر عملية استئصال المرارة ومشاكل بالرئة ..لم ترحمها الظروف أبدا عاشت امها مثل تمثال طين متحرك فقط لتجلب الخبز للمائدة…
هذه النادلة شاهدت تمثال الطين العظيم يجفّ شيئا فشيئا فهربت إلى هنا ووجدت هذا العمل…لهذا ترى ان الايام تركت على وجهها الكثير من الحزن والتجهم بالكاد تستطيع اصطناع بسمة كاذبة لليد التي تمد لها بقشيشا جيدا …
رغم انها تكاد تعرف وجوه المدينة كلها ..تعرف الصحفيين والضباط السريين ورجال الامن والقوادين وبغايا الشارع والشحاذين المدمنين ..تعرفهم وتميزهم من روائح اجسادهم ..إلا انها لم تنس أبدا شعورها المدمر بالوحدة ومازالت تعتقد ان هذا الشعور سيكون سببا في اصابتها بمرض خبيث إذا استمرّت بهذا العمل …
لم يكف الغرباء عن اختراع قصص الحب معها كل يوم ..اعتادت على ذلك ايضا وهناك بعض الهمس بانها تزوجت ثلاث مرات ..الاولى زوجها اخذ منها طفلها الوحيد وطردها ابنها الان اصبح شابا كبيرا ولم ييتصل بها ولو مرة في حياتها والثانية كان زوجها مدمنا على الخمر ويقال أصيب بالجنون والثالث هرب إلى الجهة الأخرى من البحر ..وهذا هو سر استيقاظها المفاجي وركضها نحو البحر حيث تدخل هناك في نوبات البكاء وحتى الصراخ والعويل في ليال اخرى ..نعم هكذا ..احدهم راها نصف عارية تعود من البحر إلى سريرها الرث في غرفتها القذرة فوق هذا لمكان ..ولولا انها تعرف دورية الشرطة باسمائهم لأنصت الليلة كلها حتى الصباح في الحبس …
-هاي تقترب منا لا تلتفت اليها. ( على عجل وضع الرجل ثمن شرابه إلى الطاولة وخرج من المكان ) وسط دهشة وذهول كل من انصت له. ..
النادلة — (اقتربت من الطاولة دست الحساب في جيب إزار الخدمة ) اين وصل معكم برواية القصة ؟؟؟ مسكين هذا الرجل ياتي كل مساء ويحدث اقرب الناس لطاولته عن امه التي ماتت في العراق وعن زوجاته الثلاث وولده الذي لايبعث له الرسائل ولايعرف عنه شيئا….