قصيدة ” ليسَ كأيّ دينٍ ” للشاعرة السورية ريما آل كلزلي
تدوين نيوز – خاص
للواقفينَ هناكَ أمامَ المنعطفاتِ
قبل أن تركضوا خلفه
طَوال اللّيلِ
أعدّوا دهشتَكم
واسمحوا لهُ بالعبور
هو ذا يداه تلوّحان لكلّ من يمنحهُ ذاتَه
فلا تُغرقُكم بحورُه
يبتكرُ طريقةً لنقشِ الحياةِ على سطورِ الموتِ
يصهلُ كحصانِ طروادةَ المُجنّحِ
على السّطور
يختصرُ الحنينَ الهاربَ إلى الشّمالِ
هو الفتيُّ يغرّدُ فمهُ في قبلةٍ طويلةٍ
تؤسّسُ على عشبِ السّماءِ زهورَها
يتبخترُ بالعواطفِ الدّافئةِ
يكتظُّ بحليبِ اللّوزِ
يأخذُكم بخفّةِ مصارعِ ثيرانٍ للعناقِ
ويدندنُ بين قبلةٍ وأخرى
فيما يؤجّجُ الآهَ
تلقفهُ الآذان كقراراتٍ عميقةٍ
والأعينُ أقربُ إليهِ من اللّيل وأبعد من سماءٍ
كلّما طرح سؤالًا يُغرِقُ أسبابَ الجوابِ
كهلالِ عيدٍ تنتظرهُ الصّبايا
ممشّطاتِ الشّعورِ
متبرّجاتٍ بألوانِ الآملِ وإشراقةِ الحبِّ
فيما شموسُهُ تضيءُ
شرُفاتِهنّ الحاضنةَ
للياسمينِ
عند بحيرةِ العاشقين تطفو صناديقُهُ
في جعبتِها رسائلُ دهشةٍ تنشرُ بسمةً على فمِ الأرضِ
وفي مرايا النّفوسِ تخبّئ ضحكاتٍ لذيذةً
خلفَ شهواتِ اللّيلِ
تحملُ عصافيرَ حبٍّ ذهبيّةً
فيما يطلّ كنجمتين تضيئان عتمةَ القلوبِ
أو غاباتِ نخيلِ السيّابِ ساعةَ السّحرِ
يعدّون له سُرُرَ الأحلامِ
يرتقبهُ المحبّون
كصيدٍ ثمينٍ لا يظفر به إلّا البارعون
والحالمون ثمرَهُ يقطفون
مثل تيهٍ غامضٍ
يتسللّ خفيةً
كدمٍ تتدحرجُ كراتهُ الحمراء
يقرأ أفكارهم
يضحكُ منهم
يكشفُ عوراتهم
يبكي معهم
يفشي أسرارَ الماءِ
يقيهم سرابيلَ أوجاعِهم
وكملكٍ مُنزَلٍ يحيلُ الصّقيعَ ندًى.
وإذا ماكفروا به
غلّقوا عليهِ السّبُلَ
فتصير الأحزانُ ندباتٍ تحتَ عينيهِ
يشعلُ شموعَ الوحدةِ
ويدخل عليهم من أبوابٍ متفرّقةٍ
فيحقّقُ رغبةَ مُضمَرةً في نفسِ يعقوبَ
بلا خوفٍ يُطلِقُ ذئابَهُ في الأمداءِ الغاشمةِ
يتلاعبُ بكلّ مالديهِ
كالحبّ مختمرًا لاتغلبُهُ القوانينُ
يُريقُ خمرَ السكونِ فتسكرُ الحركاتُ بلا شدّةٍ
لا يلهثُ خلفَ الغاياتِ
و يتسبّبُ في انقلاب جمهوريّاتِ اللّامنطقِ
كرجلِ حزبٍ مثاليّ
يتسكّعُ حول المُثُلِ
ليس راديكاليًّا
يحلمُ بالاشتراكيّةِ
ليس ليبراليًّا .. كذلك
يثرثر كثيرًا للوصول ِ
لا يجيدُ صنعَ الوشاياتِ
كلماتُهُ عشيرةُ أمنياتٍ
تحيلُ الصّحارى واحاتٍ
تُلقي تعاويذَها فيخشعُ السّحرةُ متلقّفين
و يَقنَعُ البدويّ بالاستقرارِ
تصاويرُهُ تحقّقُ نبوءاتِ كهنةِ التّلمود
ومَنْ سيقوا إلى الموتِ بلا إكراهٍ
من يقدر إغلاقَ ينابيعِهِ الموعودةِ ؟
هو حلمٌ بعدَ الحُلمِ يرممّ الحلمَ
كمنجمٍ يشرعُ باستثماره النّبلاءُ
أشدُّ براءةً من طفلٍ يُعجِزُ الكلَّ فطامه عن ثدي الشّعريّةِ
أشدُّ مراوغةً من مراهقةٍ تخفي عشقَها
يضربُ الودَعَ
ويقرأ خطوطَ القلوبِ
في سلسلة الترتيب التّصاعديّ يتربّع القمم
هو البدايةُ والنّهايةُ.
قبل الوصولِ
ينفجرُ كبركانِ موسيقى
يسيلُ كطوفانِ مشاعرٍ عظيمٍ
هو الشّعر في عينهِ
ترنيمةُ الشّعراء
يحاكون دوراتِ الدّم
في أغصانِهِ كلّما تنزّلَ الإلهامُ
هو دينٌ بلا آياتٍ معجِزةٍ
لرسلِهِ مشاعرُ المقرّبين
وإن كذبوا
وإن كان أتباعَهم الغاوونَ
الشِّعر دينُ البشرِ أجمعين.