مهرجانات المسرح العربي كليشيهات تقليدية بوجوه مكررة
بقلم / د. حسين الانصاري
تدوين نيوز – خاص
تعد المهرجانات الثقافية ومنها مهرجانات الفن المسرحي نشاطا ابداعيا باعتبار ان المسرح ارتبط بالطقوس والمهرجانات التي كانت تقام منذ ايام الاغريق وحين وفد المسرح للبلدان العربية لم تكن المهرجانات هدفا وغاية لان استهداف المتفرجين هو الاساس ولكن مع ظهور المهرجانات وتزايد اعدادها بل اصبحت تقام كل شهر ببلد وهنا اصبح هدف الفنان المسرحي هو السعي للمشاركة في هذه المهرجانات النخبوية في الوقت الذي تم فيه تغييب الجمهور العام والذي لم يعد يشكل طرفا اساسيا في عملية التلقي والتثاقف في العروض المسرحية
ان هذه المهرجانات تقام للنخب التي يتم اختيارها من قبل ادارات المهرجانات سواء اكانت رسمية مدعومة من قبل وزارات الثقافة او تلك المهرجانات الخاصة التي تقيمها الفرق المسرحية او الجمعيات الثقافية والتي
ينبغي ان تكون بمستوى المأمول من اقامتها على صعيد الانجاز والتأثير ، لاسيما تلك المهرجانات التي اصبح لها رصيد تاريخي. كمهرجان القاهرة التجريبي او ايام قرطاج المسرحية او بغداد الدولي وغير ذلك حيث تتوفر لها ميزانيات كبيرة وتسند لها اوقات تحضيرية وادارية ولجان تخصصية لكي تعد خطط وبرامج متكاملة من شأنها ان تحقق اهداف المهرجان المرسومة من خلال توفرها على عدد كبير من العروض الدولية والمحلية الى جانب الندوات الفكرية والنقدية التي تتعرض الى ظواهر مسرحية او محاور تتناول الحراك المسرحي وواقعه مقارنة بالواقع وعلاقته بالجمهور المتلقي ، لكن من خلال رصد وتحليل لواقع هذه المهرجانات التي نتابع مجرياتها نجد انها قد اصبحت مهرجانات تقليدية رتيبة متكررة للمضامين والوجوه المسرحية التي تحضرها او تستدعى اليها من خلال علاقات شخصية وتبادل زياراتي بين لجانها واشخاصها فباتت عبارة عن صفقات متبادلة بين مجموعة من المهيمنين على اقامة وادارة هذه المهرجانات بغض النظر عن المدراء الرسميين الذين احيانا يتغيرون ولكن السمة التي تحكم مهرجانات المسرح تنضوي تحت باب العلاقات الخاصة بين العاملين في ادارات هذه المهرجانات فهم من ينتقون ويختارون اما قضية اللجان فهي شكلية لا تأثير لها بما في ذلك فقرات التكريم او منح الجوائز فهي ايضا تخضع لمبدأ الترضية والعلاقات
والاسماء المعروفة التي بات وجودها يشكل قاسما مشتركا في معظم المهرجانات وكذلك بعض الحضور من اسماء لا تمتلك رصيدا مسرحيا او انجازا مميزا بل يمتلكون كفاءة التسلل ورسم العلاقات والبعض الاخر مما يحسبون على الاعلام المسرحي ممن عمل صفحة او موقعا مسرحيا في الانترنت وبات حضوره لهذه المهرجان من خلال مقالات المديح التي يغدقها على القائمين على هذه المهرجانات التي باتت لا تشكل في حقيقتها اثرا فنيا او ابداعيا بل مجرد مهرجانات تقليدية مناسباتية غيبت الجمهور الحقيقي وجيل المسرحيين الشباب وانشغلت
بكرنفال الضيوف ومظاهر الاستقبال وتبادل الزيارات ، ان المسرح في ظل المنافسة المتصاعدة بينه وبين وسائل الاتصال الاخرى التي تنامت بفعل تقنيات ووسائط الانترنت لم يبق امامه سوى ان يطور تجاربه ويفيد من معطيات التقنيات الجديدة وان تكون غايته الجمهور الواسع وليس التركيز على عروض المهرجانات التي لا تتجاوز المرة الواحدة او مرتين مقابل جهودا طويلة وتحضيرات تمتد لشهور طويلة هذه عروض لم تتح للجمهور العادي بل تقتصر على نخبة من المهتمين او الذين تتاح لهم فرص الاستدعاء للمهرجانات سواء من الفرق او النقاد او الاداريين الذين احيانا يتجاوز عددهم الفنانين والممثلين المشاركين.
ما نأمله من الجهات المعنية بالمهرجانات من وزارات الثقافة او الجهات الداعمة او ادارات المشاريع الثقافية ان تعيد النظر بهذه الملتقيات المهرجانية وان تعمل على جعلها مناسبات للاضافة الحقيقية والانجازات المسرحية المميزة التي من شانها تديم الحراك المسرحي وتقترب من رغبات الجمهور واسئلته شكلا ومضمونا