نص ” لغة ٌ خلعتْ اسمَها في خبر كان ” للشاعر حسن رحيم الخرساني
تدوين نيوز – خاص
A ـ
حتما ً أنّ .. خبر كان يعرفـُك َ جيدا ً
والدخول كذلك …
حتما ً تشهق ُ من الشوق ِ إليك َ :
ميسلون والفردوس
الميدان والحرية
الرصافة والشهداء
الإذاعة ….وليستْ وزارة الدفاع ..
فأنت َ نشوة ٌ من حلم ٍ ترقص ُ فوق َ أروقة ِ المكان
تنثرُ عطرك َ العراقي…وتغرد كماء دجلة .. وتحزن مثل الفرات …
تنهارُ أمام وجع الأرامل .. تتوكأ على حروفك َ وتغص بالكلمات ..!!
كلنا كلمات ٌ … لكنها سوداء ..بعدما لوّث بكارتـَها الدخان ُ.. وحيض الحرب ..
الحروب ُ التي أحالتْ عشتار َ إلى ظلام ٍ ..
ظلام ٌ عاطل ٌ عن السكون ..!!
أحالتْ نجومـَنا بلا عيون ٍ .. والقمر َ العراقي أميرا ً يتيما ً …
الحروب ُ التي زرعتْ بأرواحنا الظلام .. وبأضلعنا إرثها المقيت .
حروب ٌ تجوع ُ … وقياصرة ٌ تضخ ُ لها الدم ..!!
قياصرة ٌ من حجر .. أحلامهم رمال … وطرقهم مبلطة ٌ بالذهب ..!!
أمراء ٌ شواربهم بلا ثمر … تتوزع ُ فوق الوجوه بلغة ٍ صماء.
لغة ٌ خلعتْ إسمـَها وأحاطتْ بأبي نواس والمتنبي وشارع الرشيد.
إنها لغة ٌَ الفصول ..
( وما من نداء ٍ وما من مجيب ) 31
ويبقى .. خبر كان .. والدخول يعرفونك َ جيدا ً
وكذلك نوارسي ..
نوارسي اللواتي استفقن َ على صوت ِ كان وليس خبرها … استفقن َ
وأنت َ تشاهد ُ الرماد َ الملغم َ بالليل ..
الملغم َبالموت حتى الصباح …
الصباح ُ سجائرك َ الباقيات … سجائرُك َ التي تقول ُ :
( ومرَ علينا المماليك ُ والأنجليز
سلاجقة ٌ… بويهيون .. برامكة ٌ .. وحنابل ..
خوارج ٌ .. أمويون ..
كل ٌ تفـنن في القتل والسخل والجلد ,,) 87
ويبقى حفيفك َ يرسم ُ كل َ السنين .. وتبقى أصابعـُك َ خيمة ٌ للنخيل
وأنت َ الحقيقة ُ والحلم ..
وأنت َ الذي لايـُجيد ُ الثبوت … تشيد ُ للتوازن ِ
وتعزف ُ لحن َ الوصول ِ إلى نقطة ٍ ..
( نقطة ٌ لا تجيد التحرك
إلا على الدوران …) 76
( ليس لنا
موعـد للرحيل .. ولا للرجوع ولا للوصول
للموت ولا للحياة … هكذا نحن …) 76
نعم
هكذا نحن نرقص ُ حد الثمالة
ونبني العراق …
نرقص ُ حد الثمالة
لنخيط َ ثوبا ً للقمر
وثوبا ً لكل البشر ..
( ياوردة القلب .. لاتستفـيقي ..دعي الحلم َ ينمو …) 88
لماذا إذن …؟
لماذا يريدون قتل َ القمر…؟؟
لأني الوحيد ُ الذي ألبس َ الطير َ أغنية ً
وفاز َ بإمرأة ٍمدت ْ جدائلها إلى الشمس
كي يستريح َ النور ..
بعدما أختنق َ التراب ُ بالدم .
هكذا نحن ـ أيها العبيدي ـ
أمامنا ـ وبالتأكيد ـ غابة من الوحوش ..
لكنه ُ النهر يبقى هو السيد المستمر
وتبقى السماء ُ
تشهد ُ لبابل َ بالخلود ..!!
——————–
B
إننا تلك المسافة الحبلى بالنشيج
والنشيج ُ المستمر …
وتأريخ ذاكرتي منح َ لوطنه فرصة الدخول والغوص
في التأمل ولكن على حساب ( الدخول في خبر كان )
الدخول ُ هنا
لايعـني سوى الخروج من منطقة سلـّمتْ للشاعر العبيدي مفايتحـَها
بكل خشوع ٍ وهو يتوحد ُ فـيها بكل نوافـذ الروح وأنهار القـلب …
( منْ يضمني حتى أنام ..
منْ ذا يعيد بدمعه صفـو الحياة
وبهجة الرمان في زهو البساتين ..) 32
وحيثما يوجد التوحد تنتشر ُ جيوش ُ الفـراق
لتسوق َ بعصاها الزبد َـ وهل يذهب ُ جـُفاء ..؟ ـ
( منْ ذا سيحملني إليك
وقد نأت بيننا الدنيا ..) 32
( الليل ُ يصرخ ُ في عـيوني والشوارع والأزقة ) 34
الصراخ ُ هو تقهقر ُ الذات للوصول ِ إلى الهدف ولكن عن طريق الرؤيا الثابتة
من خلال العيون حتى تطمئن النفس ُبعدما تسد الحاجة التي أفـتقدت ْ مملكتها في اللحظة التي كانتْ هي تتجلى في الجسد عن طريق الحلم …!!
لكن صراخ الليل
لايعني أن هناك حاجة أراد َ صاحبـُها أن يشبع َ رغباتـَه ُ من رحيقـها .. بل هو إعلان عن إنهيار ثابتْ ومستمر .. وموجها ً
حرائقـَه ُ أمام عيون الشاعـر
مجرجرا ً معهُ الشوارع َ والأزقة َ
حتى لا يبقى حيز يلوذ ُ به الشاعـر
إلا من هذا النزيف المبرمج بأيد ٍ خانت ْ أظافرَها لتختزل العناكب والخفافيش أيضا ً ..
ويبقى صراخ ُ الليل
وتبقى أنوثة ُ النهر
ويبقى البرتقال ُ السابح ُ مع القداح
وتبقى ـ عاشوراء ـ والغربة ُ… ولون ُ الذل..
هناك .. تشقـق َ قلب ث الشاعـر
إلى كتب ٍ .. جدار ٍ .. وطريق
ليخلق َ لنا رغـيفا ً
أحاط َ به ِ كل ُ الشهداء ِ … ولكن :
( ما من نداء ٍ ولا من مجيب ..!! )
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
* ( 31 ـ 87 ـ 76 ـ 32 ـ 34 ) مقاطع من مجموعـة الشاعـر – وديع العبيدي “الدخول في خبر كان”
دار الأمين للنشر والتوزيع ـ القاهرة 2004