المسرح العراقي بين الإزاحة والثبات في ظل الظروف الراهنة، حوار مع الفنان الدكتور صميم حسب الله
د.عزيز جبر الساعدي ممثل ومخرج وكاتب
تدوين نيوز – خاص
من دواعي الاهتمام بالمظاهر الحياتية في العراق وتسليط الضوء عليها ، ارتأت جريدة تدوين نيوز ان تفتح باب الحوار حول المسرح العراقي في ما له وما عليه وسبل الارتقاء به بعد ان تغيرت الكثير من آلياته تحت وطأة الظروف التي مر بها العراق ، وقد توجهت الجريدة بطرح مجموعة من الأسئلة على السادة الافاضل المعنيين بالشأن المسرحي العراقي ، وستنشر هذه الحوارات تباعاً وحسب ما وردت . وتتقدم الجريدة بالشكر والامتنان لكل السادة الفنانين المساهمين في هذه الحوارات.
– ماهي أسباب تضاؤل الرقعة الجغرافية المسرحية وانحسارها على المتلقي النخبوي في العراق، وهل هذا نذير باحتضار الفن المسرحي؟
ج/ أعتقد أن أحد الأسباب الرئيسة في هذا التضاؤل هو غياب المشروع الثقافي/المسرحي ، فضلاً عن أسباب كثيرة أخرى منها مثلاً خصوصية الفن المسرحي وعدم قدرته على التواصل مع شرائح اجتماعية واسعة بالمقارنة مع التطور التكنولوجي الهائل الذي يتحقق عبر وسائل التواصل الاجتماعي، إلا أنني لا أتفق مع فكرة احتضار الفن المسرحي ويعود السبب في ذلك إلى أن المسرح ينتمي للمجتمع وهو في بلدان المنشأ التي يشكل فيها ظاهرة ظل حاضراً ومستمراً ،بل ومتفاعلا مع التطورات فهو منذ نشأته يوظف التقنيات من اجل أن يستمر في التطور وليس العكس، كما هو الحال مع تطور الإضاءة المسرحية من الاعتماد على مصادر طبيعية وصولا إلى اختراع الكهرباء وليس إنتهاءا بالتقنيات الحديثة (الليزر والداتا شو وغيرها)، وقد أتفق مع فكرة الانحسار في داخل مجتمعنا للأسباب التي ذكرتها ولغيرها ايضاً.
– في العديد من العروض المسرحية التي قٌدمت على مسارح بغداد نلاحظ عدم الاهتمام بالروية البصرية فهل أصبح العرض المسرحي شكلا فوضويا خاليا من المنظومات الجمالية التي تخلق المتعة البصرية للمتلقي ام ان هناك غاية ما ورائية يراد توصيلها للمتلقي؟
ج/ أتفق معك في فكرة وجود فوضى بصرية في عدد غير قليل من العروض المسرحية ، ويعود ذلك على نحو أساس إلى انتشار التقنيات الحديثة التي يساء استخدامها في العروض المسرحية لتكون على حساب الرؤية الاخراجية ومقترح الإخراج البصري، لدرجة صار معها الممثل يشعر بالعجز أمام التقنية التي يوظفها بعض المخرجين من اجل الإبهار البصري فقط من دون أن تشكل علاقة جوهرية مع الممثل وهي مرحلة مؤقتة على ما اعتقد كشفت ضعف بعض المخرجين في المسرح وعدم قدرتهم توظيف تلك التقنيات لما يخدم العرض المسرحي وليس بمعزل عنه ، فالشكل البصري يفترض به ان يكون معبراً عن المضمون بما يدفع بالممثل إلى التفاعل معه وصولاً إلى المتلقي .
– درجت اغلب العروض المسرحية على توظيف النص المكتوب باللهجة المحلية، حتى ان الكثير من النصوص لا تحتكم الى شروط النص المسرحي (الأكاديمي) وقد يشعر المتلقي المعرفي ان هذه النصوص كتبت على عجالة او مرتجلة، فهل هذا توجه نحو تسقيط او تجاهل اللغة العربية الفصيحة، وهل هو عزوف عن تناول النص المسرحي العالمي المكتوب أيضا باللغة العربية
ج/ هذه معضلة حقيقية ، ، ثمة الكثير من الآراء التي يصدرها بعض صناع العروض المسرحية تذهب بإتجاه عدم حاجة المسرح العراقي إلى نصوص عالمية لأن المشكلات الواقعية التي تتكشف على نحو يومي لا يستطيع المسرح العالمي التعاطي معها ، لذلك نراهم يتجهون إلى النص المحلي لمعالجة تلك المشكلات ، وهي ظاهرة أجدها مثيرة للإهتمام مع وجود عدد قليل من كتاب المسرح يمكن ان نذكر منهم (علي عبد النبي الزيدي، مثال غازي، عمار نعمة جابر ومنير راضي وغيرهم) ويكتب كل منهم نصوص مسرحية باللغة العربية الفصحى تعالج موضوعات محلية بشكل أساسي ، وثمة تجارب مسرحية إعتمدت على اقتباس فكرة من نص عالمي وإعادة كتابتها بما يتوافق مع المشكلات المحلية، وثمة ظاهرة بدت حاضرة في السرح العراقي على نحو مثير للإهتمام تمثلت بـ (المخرج المؤلف) حيث درج عدد غير قليل من المخرجين إلى كتابة نصوصهم المسرحية سواء كانت (باللغة الفصحى أم اللغة العامية أو لغة ثالثة وهي مزيج بين اللغتين) ولهم في ذلك أسباب مختلفة منها من يجد أن الموضوعات واللغة التي يكتبها تكون أقرب إلى الخشبة منها نصوص الادب ، وهي بوجهة نظري تكشف عن ما يمكن أن اسميه ( نصوص مرحلية) تنتهي صلاحيتها بزوال الأزمة التي كتبت على أساسها ، وما أكثر الأزمات في بلادنا ، وهو ما يكشف لنا أن نصوص هذا النوع لا يعاد تقديمها مرة أخرى ، لأن المخرج قد استنفذها في عرض مسرحي، أما فكرة تكوين نصوص داخل البروفة تعتمد على فكرة يتم تداولها داخل البروفة فإن هذه التجارب لم تحقق حضوراً فاعلا بإستثناء تجربة للمخرج الراحل (هادي المهدي) في مسرحية (بروفة في جهنم) ويبدو أن هذه التجربة قد دفعت بالعديد من المخرجين الشباب إلى مغازلتها ومحاولة تقليدها إلا ان محاولاتهم لم تجد صداها في المسرح العراقي.. إن فكرة الاقتراب من الجمهور تظل هاجساً يفكر المسرحيون فيه لاسيما وإن مسرح بلا جمهور لا يعني أنه يشكل ظاهرة إجتماعية وهو فعل معاكس تماما لما تأسس عليه فن المسرح ، لذلك أجد أن فكرة التعاطي مع النص العالمي بها حاجة إلى بناء مشروع مسرحي تتبناه الجهات المنتجة وبما أننا لا نمتلك هذا التعدد في الجهات المنتجة فإني اجد أن على دائرة السينما والمسرح بوصفها المنتج الرئيس للعروض المسرحية ، عقد مؤتمر أو اجتماع مع مسرحيين من مختلف الأجيال والاستماع إلى المقترحات والأفكار التي من شأنها أن تفك الاشتباك وتعيد المسرح إلى الجمهور وليس العكس.
– نشاهد في اغلب العروض المسرحية العراقية الحديثة، طرق مبتكرة في آليات الأداء المسرحي تعتمد على الصراخ والحركة المفرطة الغير مدروسة مما يؤثر على المنظومات السمعية والبصرية لدى المتلقي وتساهم في خلق حالة من التشتيت الذهني لديه. فما هي العوامل التي ساعدت على خلق مثل هذه الاليات لدى الممثل؟
ج/ ثمة الكثير من المفاهيم التي دفعت بالممثل المسرحي إلى إنتاج مثل هذه الآليات التي قد تكون بعضها عفوية بمعنى أن لا يكون الممثل قاصداً لها ، وهو ما يجده الممثل عاملاً مساعداً على ضبط الإيقاع ، وشد إنتباه الجمهور ، وكل ذلك وغيره يعود برأيي إلى عاملين أساسيين الأول هو (التوتر الاجتماعي) وهو الحالة الاجتماعية التي يعيشها الفرد العراقي، والضغوط التي تفرض عليه سواء على المستوى السياسي وحالة عدم الاستقرار ، او الضغوط الاقتصادية التي تدفع به إلى القلق والتوتر ، أما العامل الثاني فيعود إلى السلوك الاجتماعي وعدم قدرة افراد المجتمع ومن قبلهم أفراد العائلة إلى إيجاد طريقة للحوار من دون اللجوء إلى الصراخ والعنف في بعض الأحيان ، وبما ان الممثل أبن لهذه البيئة المتصارعة فكيف يمكن أن يفهم أن الإيقاع في الحياة يختلف عن الإيقاع في العرض المسرحي ، وأن المسرح لا يشبه الحياة وإنما هو شكل مهذب لها ، لذلك نجد الممثل يبحث في النص عن انفعالات تدفع به إلى الصراخ والحركات العنيفة ، كما ان تطور التكنولوجيا سمح للمشتغلين في المسرح بالاطلاع على التجارب المسرحية العالمية التي تعتمد الصراخ والعنف والحركة في عروضهم المسرحية مما دفع بالممثلين ومن خلفهم المخرجين إلى تبني تلك الاشكال الادائية وإعادة تقديمها من دون التفكر في تفسيرها وانعكاسها على المتلقي.
– نلاحظ في اغلب الأحيان ان مدة تقديم العروض المسرحية لا تتجاوز الثلاث أيام، وهذه المدة قصيرة قياسا، بالعروض المسرحية في العديد من الدول وبالأخص الاوربية التي تتجاوز مدة العرض المسرحي الواحد أشهر او سنوات، ويلاحظ أيضا ان اغلب هذه العروض تتنافس للحصول على مكان لها في المهرجانات العربية والعالمية. فهل أثر ذلك على انتاج العرض المسرحي بشكل عام؟
ج/ أكرر مرة أخرى أن غياب المشروع الثقافي/ المسرحي، وغياب البحث في مثل هذه الظواهر ومحاولة إيجاد أسباب لتفشيها وتحولها إلى قاعدة يصعب تجاوزها، اذ نجد أن الفريق المسرحي يجري البروفات في ظروف شبه مستحيلة ولعدة أشهر ، ليضيع جهده بعد عروض مسرحية ثلاث أو أكثر بقليل، وهي حالة بدت ثابتة في الوسط المسرحي ، وهي ظاهرة لم تعمد الجهات المعنية إلى تحليلها وإيجاد الحلول لها ، لذلك كنا نطالب على نحو مستمر بضرورة إقامة مؤتمر يبحث في أسباب هذه الظاهرة وماهي السبل الناجعة للتخلص منها ، إلا ان القائمين على ادارة الندوات الفكرية التي تعقد بالتزامن مع المهرجانات المحلية والدولية يبحثون بعيدا ويحرثون في مصطلحات ومسميات تناولها المسرح العالمي والعربي الأكثر استقرارا، لتظل محبوسة في ادراج المكاتب، ولا يسعون إلى البحث عن حلول لمشكلات مسرحهم التي يؤكدها هذا الاستفهام ، اما الشق الآخر من سؤالك والمتعلق بالسفر ، فأقول ان هذه الظاهرة متوارثة من جيل إلى جيل ويعود السبب فيها إلى الحصار الاقتصادي في تسعينيات القرن الماضي، حيث كان السفر هاجساً للمسرحيين سواء من اجل إيجاد فرصة للهروب من السلطة أو من اجل العيش بهدوء ورفاهية لأيام معدودة قبل العودة إلى وطن قتله الجوع وهجرته الامنيات، تحولت ظاهرة السفر إلى سلوك لم يستطع الفنان المسرحي الخلاص منه بعد مرحلة 2003 بل صار هاجس السفر بوابة للنجاح ، حتى وإن كان على حساب الكرامة التي يبتزها السياسي في مقابل منح تذاكر السفر لهذا الفريق أو لتلك المسرحية، هي حالة أخرى بها حاجة إلى معالجة ، فمشاركة الفنان ضرورية على أن تخضع لشروط عدة أولها جودة العرض الفني ، ومن قبلها أن يكون العرض المسرحي قد حقق أثراً جمالياً وابداعياً على خشبات المسارح المحلية ، لا أن يكون السفر هدفاً بحد ذاته ، ففكرة السفر بمنجز مسرحي يمثل المسرح العراقي مسؤولية كبيرة تحتاج إلى وقفة وتفكر من جميع المعنين بالشأن الثقافي والمسرحي.
– من مقومات تصويب العرض المسرحي هو النقد، فهل يوجد برأيك ناقد (حرفي) يستطيع ان يضع العرض المسرحي تحت مجهر النقد الاكاديمي المؤسس على آليات النقد ونظرياته، ام ان النقد اصبح ( انفعال اجتماعي ) يعتمد على علاقة الناقد بفريق العمل ؟
ج/ اعتقد أننا نحتاج إلى قراءة النقد ونظرياته بشكل جيد والعمل على إعادة إنتاج تلك النظريات بما يمكن ان يفيد صناع العروض ، لا على أساس التوجيه والفرض بل على أساس قراءة العرض المسرحي بعيداً عن العلاقات الاجتماعية بفريق العرض المسرحي، فإذا استمر النقد المسرحي (الاكاديمي) بإسلوبه الاصطلاحي وآلياته العلمية ، فسيكون من الصعب تطبيقه على العروض المسرحية ، وستكون ثمة فجوة كبيرة بين نقد لا يقرأه سوى المتخصص الدقيق بآليات النقد وتطبيقاته ، لذلك اجد أن سؤالك هذا هام جدا ويمكن ان يكون أحد المحاور التي تحتاج إلى مناقشة في ندوة فكرية تعنى بعلاقة النقد بالعرض المسرحي، أما عن وجود أسماء نقدية يمكن ان تشكل حضوراً معرفياً يمكن أن يطور من العرض المسرحي، فأعتقد أن ثمة عدد غير قليل من الأسماء التي هجرت النقد بعد أن تحولوا إلى أعداء لمن كانوا أصدقاء بالأمس، إن العلاقة التي لم تعد متوافرة بين الناقد وصناع العرض المسرحي أسهمت على نحو مباشر في تردي العروض المسرحي، فلم يعد المخرج مهتماً برأي مغاير لرأيه، بل صار يبحث عن مدونات (فيسبوكية) يسطرها من يطلق عليهم تسمية نقاد ( كبار) وبعضهم يحملون ألقاباَ علمية (للأسف)، يجاملون صناع العروض بمديح لانهائي بحثاً عن حظوة عند المخرج او دعوة في مهرجان ، أو تعليقات (فيسبوكية ) تثير نرجسيتهم، وهو سبب آخر في تردي الفعل النقدي ، وعلى العكس من ذلك نجد القليل من النقاد الذي يقاومون موجة التردي التي تسيطر على الساحة الثقافية، يتعرضون للهجوم والقطيعة ونكران الجهود ، فإذا كان العرض المسرحي جهد يقوم به فريق مسرحي ، فإن النقد جهد فكري يرهق عقل الناقد وهو يحفر عميقاً في جميع العلامات والمضامين التي تناولها العرض ، إلا أن ذلك لا يأتي عادة كما يتمنى صناع العرض ، فتتحرك الجيوش الالكترونية وجيوش المقاهي فيواجه بأبشع المقولات وأقسى التعابير ، تصل بعضها إلى حد الشتم أو الإساءة وقد يصل بعضها إلى تهديدات مبطنة من اجل الدفع به إلى خيارين لا ثالث لهما ، اما الخيار الأول فهو إختيار العزلة وعدم الكتابة كما فعل بعض النقاد ، وأما الخيار الثاني فالانضمام إلى حظيرة القطيع الفيسبوكي أو إلى محللي المقاهي وسهرات الليل الحمراء.
– من متابعتنا للكثير من العروض المسرحية العراقية، لاحظنا ان العرض المسرحي بكل مفرداته لم يتخطى أزمات الشارع، بل هو تكرار او اجترار لما يدور في الشارع من أزمات. نحن نتفق على ان المسرح يأخذ مادته الرئيسية من الواقع الا انه يعيد انتاجها وفقا لأليات الخلق والابتكار، فهل هو استسهال في تناول المادة كما هي ام انه كسل المبدع في خلق عرض مسرحي يساهم في تشظي الازمة وإيجاد الحلول لها؟
ج/ في البدء أحب أن أسجل اعراضي على فكرة أن العرض المسرحي يسهم في إيجاد الحلول.. أعتقد ان هذه الحقبة لم تعد حاضرة في المسرح العالمي ، إذ إنتهت مع تجارب بريخت ومسرح اللامعقول ، اما في المسرح العراقي ، فلم نجد أن عرضاَ مسرحياً أسهم في إيجاد حلول أو تغيير قانون ، أو غير ذلك ، وفيما يتعلق بالشق الأول للسؤال، فإن المسرح في مرحلة ما بعد 2003 يعد انعكاسا حقيقياً لجميع الأزمات التي سيطرت على الشارع في محاولة من المسرحيين لخلق حالة من التواصل مع المجتمع ، ومن جهة أخرى فإن المسرح العراقي أراد التخلص من العروض المسرحية التي كانت تقدم في حقبة سابقة كان يسيطر فيها الرقيب على طبيعة العرض المسرحي الذي إختار صانعوه الركون إلى الرموز والغموض والتعمية هرباً من سلطة قد لا ترحم لوناً دالاً أو لفظاً يحيل إلى مقاومة أو يثير شعور السخط عند المتلقي، لذلك بدء المسرحيون في تقديم عروض مسرحية تناقش كل ما كان (مسكوت عنه) وغير قابل للتداول ، وصولا إلى الاقتباس المباشر من أفكار ومفردات الشارع والعمل على نقلها إلى خشبة المسرح من دون ان يكون للمسرح دور في تنقيتها وإضفاء جماليات العرض المسرحي عليها ، حتى صارت العروض المسرحية خشنة تتشبه بالسلوك العنيف المتداول في حقبة مضطربة داخل البنية المجتمعية، اعتقد ان هذه قد فرضت هي الأخرى على العرض المسرحي ومن الضروري أن يتم التعبير عنها لأنها جاءت بعد سنوات طويلة من الكبت ، فهي أشبه بالتفريغ العاطفي لشحنات ظلت مخزونة في الجسد العراقي، ستزول بمرور الوقت وتحول الحياة الاجتماعية ، وسيتخذ المسرح شكلا مغايراً للتعبير فالمسرح أبن شرعي لزمنه.
– هل كثرة المهرجانات تخلق حالة مسرحية صحية وكذلك ارتقاء بالذائقة المسرحية، رغم اننا لاحظنا في بعض المهرجانات دعوة عروض مسرحية متدنية بعضها لا يمت صلة بالعرض المسرحي؟
ج/ وجود المهرجانات حالة صحية على ان تكون ضمن مناخ مسرحي متعافي ، فالدول المتقدمة التي تقيم مهرجانات دولية تسعى أولا لتقديم ثقافتها إلى المشاركين في تلك المهرجانات ، بالنسبة لنا مازلنا نعتقد أن إقامة مهرجان محلي أو دولي هو منجز بحد ذاته ، من دون ان نتفكر في مكتسبات ذلك المنجز ، كيف نقيم مهرجاناً مسرحياً وعروضنا في الموسم المسرحي لا تتجاوز عدد الأصابع الواحدة، كيف نقيم مهرجانا ونحن أساساً ليس لدينا موسم مسرحي منتظم ، وليس لدينا مشاريع مستقرة ، وليس لدينا دعم منضبط ، بل هي جميعا تخضع لنظام (الفزعة العراقية) من دون تخطيط ، نعم نحتاج إلى مهرجانات ولكن نحتاج قبلها إلى عروض مسرحية منتظمة تسمح بإختيار الأفضل منها للمشاركة في المهرجان ، لا أن نختار ما يتوفر منها فقط من دون النظر إلى أن الآخر القادم للمشاركة سيقدم عروضاً تكشف الفوارق الكبيرة بيننا ، ضرورة أن تكون ثمة مهرجانات يتم التخطيط لها بعد أن يتم التخطيط لمنجز مسرحي قائم على عروض مسرحية تتسم بالجودة والابداع والابتكار ، وعدا ذلك فهو استهلاك لموارد الدولة واستهلاك لمسرح لا يراد له أن ينمو.