أنتخابات المجالس المحلية بالعراق  هل ستغير صورة الواقع  المأزوم؟

بقلم / د. حسين الأنصاري

دكتور حسين الانصاري

تدوين نيوز – خاص

منذ إن ادركت الشعوب أهمية الانتخابات ودورها  في  اختيار. من يمثلون  اصواتهم ويعبرون عن تطلعاتهم نحو تحقيق نوعا من التغيير في حركية المجتمع والآخذ به نحو حياة افضل  فوضعت أولى التصورات وانطلقت هذه الممارسة التي يعزوها المؤرخون إلى  فترة القرن الخامس قبل الميلاد والتي جرت في المدن اليونانية القديمة حيث تطور شكلها وأسلوبها ونظمها  وانتقلت بعدها الى روما والهند  وانتشرت فيما بعد إلى أنحاء العالم ، لكن السؤال المهم والأساس هل ان الانتخابات وبعد هذه الفترة الطويلة والتجارب التي مرت بها استطاعت ان تحقق الهدف الأساس وتصبح حقا ممارسة ديمقراطية تعبر عن اصوات الناخبين من أبناء الشعب او مازالت ممارسة شكلية لم تكتمل أركانها ولم تحقق أهدافها ، نضع هذا التساؤل الرئيس ونحن في العراق كغيره من البلدان اصبحت هذه الممارسة الانتخابية حالة واقعية نشهدها كل أربع سنوات على مستوى انتخابات الجمعية الوطنية  او عضوية البرلمان كما  نتابع. هذه الايام الاستعدادات والتحضيرات لإجراء انتخابات ما يسمى مجالس المحافظات التي من المقرر إقامتها في 18 ديسمبر المقبل والتي تأتي بعد توقف منذ. عشر سنوات . ومن الجدير بالذكر  أن هذه الانتخابات تشمل 15 محافظة من أصل 18، حيث هناك ثلاث محافظات ضمن إقليم كردستان المتمتع بحكم ذاتي غير مشمولة بالانتخابات. وستكون هذه أول انتخابات مجالس محافظات محلية تجري في العراق منذ أبريل 2013. وقبل ذلك أجريت انتخابات مجالس المحافظات في العام 2009 فقط. ،وكان مقررا إجراؤها في العام 2018، تزامنا مع الانتخابات البرلمانية حينها، لكن أرجأت  أكثر من مرة بسبب الاحتجاجات الشعبية الواسعة التي حدثت في عام 2019 وعلى اثرها صوت مجلس النواب العراقي  على حل تلك المجالس وانهاء عملها وهذا كان من بين مطالب  المتظاهرين، ورغم المطالبات الشعبية وخبراء التكنولوجيا والاعلام المستقل والناشطون في منظمات المجتمع المدني بضرورة تطوير هذه الممارسة الانتخابية وتقيمها وإخضاعها لمزيد من  الانفتاح والشفافية وان تكون  إدارة الانتخابات خاضعة للمسائلة والمحاسبة في حالة التجاوز وخرق التعليمات وقواعد الاقتراع والتلاعب بالنتائج. وما الى ذلك وهو جزء  من نجاح هذه الممارسة ، وفي الوقت الذي سيشارك في هذه الدورة اكثر من سبعين كيانا وبلغ عدد مرشحيهم الى 6 الاف مرشحا  لكن من خلال نظرة متفحصة لهذه التحضيرات ومن خلال حالة مهمة تكشف عن  مدى الفارق بين المرشحين الذين يمثلون كيانات قديمة او ينضوون تحت اسم معين يمثل حزب او حركة تتمتع بسلطة سابقة او مازالت جزءا من الحكومة او لها حظوة في مجلس النواب او اصبح لديها القدرة في التحكم بالشارع من خلال ما تحصلت عليه من مغانم او السيطرة على جانب من ممتلكات الدولة والمال العام

وبين مرشحين اخرين يخوضون الانتخابات معتمدين على نبل مقصدهم  وامكاناتهم الذاتية ،

وهنا يحدث الخلل الكبير في إدارة  دفة الانتخابات ومستوى تحقق نسبة النزاهة والتوازن في حقوق المرشحين  فمن هو مرشح ومازال يستخدم امتيازاته الممنوحة من المنصب موظفا مالديه من  امكانات مادية ومعنوية  من أموال وأليات وسيارات وموظفين وتابعين له ليكونوا أدوات في  الدعاية الباذخة وتجنيد وسائل الإعلام  للتأثير على جمهور الناخبين مستخدمين مختلف الوسائل حيث ينشطون هذه الايام  لتقديمها بطرق شتى

لكسب الأصوات والتي تتمثل بتقديم بعض الخدمات  في البنى التحتية التي هدفها ان  تجذب المواطن على انها انجاز فردي  لهذا المرشح او ذاك والبعض منهم يستغل موقعه الوظيفي والبعض يسخر الآخرين ويدفع لهم المزيد من الهبات والوعود  ومنهم من يقوم بزيارات للوجهاء والشيوخ والنافذين في المجتمع لطلب دعمهم ومن يتبعون اليهم

هذا بعض ما هو سائد حتى اليوم بل يشكل علامة فارقة  وخلل في المعادلة الانتخابية وأسسها التي يطمح الشعب لان تكون صادقة ونزيهة وتمثل حقيقة ما تصبوا اليه الجماهير

لكن امام ما يحدث في الانتخابات للمجالس المحلية خفاءا او علنا هي من الأسباب التي تدعو للشك والريبة بل في تخلخل ثقة الكثير من المواطنين بجدواها  في ظل غياب وضعف تطبيق الشروط التي تتطلبها هذه الممارسة التي ينبغي ان تكون عادلة وواضحة المعلومات ومنفتحة ونزيهة لكي تحقق المبدأ العام وتستقطب إقبال الناخبين بعيدا عن اعتماد الطرق الملتوية واستغلال حاجات المواطن في زمن انتشرت فيه كل مقومات الغش والرشوة والفساد الذي أضحى ظاهرة خطيرة وفتاكة في المجتمع.

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى