المنجز الثقافي وتمظهراته في ظل تغيرات أنظمة التلقي
عصام حسن العلي
تدوين نيوز – خاص
بلا شك عندما نتاول المنجز الثقافي في الوقت الراهن فإنه يعني بالضرورة اننا سنتناول الموضوع كأزمة بسبب ما آلت إليه المتغيرات المتسارعة التي طرأة على كوكبنا الصغير والتي ألقت بظلالها على كل مفاصل الحياة ولا تستثنى منها الثقافة ،والثقافة العربية على وجه التحديد لما تمتلكه من حساسية إتجاه ما هو ثبات من مواقفها وماهو متحول في الأحداث الكبرى ، التي خلفت معانات متعددة الأوجه على طبيعة ومزاج الثقافة العربية فلم ينتهي الأمر عند حدود النص بلباسه التاريخي او الديني او الأطر الاجتماعية والسياسية بل ان الأمر تداخل في سياقات وأنظمة اتسمت بالحداثة بمدارسها المتعددة التي خرجت عن إطار المألوف من القيم والاخلاق وعن العادات والتقاليد مما جعل الثقافة العربية وهي التي تتطلع إلى تقديم نفسها كثقافة مستقلة تمتلك جميع متطلبات البقاء ، إلا أن ذلك لم يسعف الثقافة بشكل حاسم بل خلق ثغرات كبيرة في الحقل المعرفي الذي يشكل القاعدة الأساسية في انشغالاتها وبالتالي وبين الحين والأخر يظهر سؤال الهوية والانتماء من جديد ، ولعل السر في اختفاءه وظهوره يكمن في شكل الثقافة التي ننتهجها في تقديم مشروعنا المعرفي
المنجز الثقافي هو نتاج ذهني مادته الرئيسية هي الأفكار المستنبطة من البيئة التي تتشكل من القيم والمورث التاريخي والعادات والتقاليد بالإضافة المعطيات الواقعية ومن والتجارب الحياتية والخبرات التراكمية ويتخذ شكله النهائي بهيئة نص وفق ما يرتأيه (صاحب المنجز)
ويستمد المنجز الثقافي قوته وطاقته التعبيرية من البنية المعرفية المؤوسسة له بدءاً من استدراج الأفكار مرورا بسلطة الوعي وصولا الى قدرته التاويلية والادراك . بالإضافة الى الادوات التي يمتلكها المثقف لتأسيس مشروعه المعرفي كالسرد واللغة والصورة والتخيل الى اخره
ويرتبط المنجز ارتباط وثيق بالمتلقي ، اذ ان المنجز يشكل بحد ذاته خطاب يرسل الى المتلقي عن طريق انساق ومنظومات معرفية تحيل الواقع الى دلالات ورموز ذات قدرات تأويلية يستطع المتلقي قراءتها وفك شفراتها .
ان ما يميز المنجز الثقافي هو طاقته التأثيرية على النفس الانسانية اذ يرتبط المنجز ارتباطا وثيقا بالإنسان على المستوى الفكري والوجداني ولهذا التأثير نتائجه الإيجابية في تغير سلوكيات الفرد والمجتمع على حد سواء .
ولو عدنا الى الوراء قليلا لرأينا في العقود الماضية خاصة تلك التي شهدت أزمات كونية كالحربيين العالميتين الأولى والثانية والأزمات التي عانت منها بعض من الدول حول العالم ،ما كان للثقافة من تأثيرأ مباشرأ على مفاصل الحياة ، اذ وقف المنجز الثقافي ندا للعديد من الأنظمة السياسية الدكتاتورية والأحزاب الشمولية التي اضطهدت الانسان واستلبت وجوده.
فما كان للثقافة الا ان تصدت وانتجت فكرا مغايرا يتصف بالجرئة والمواجهة والقيت على عاتق المثقف الكثير من المهام الجسيمة في التوعية الفكرية وتوجيه حركة المجتمع نحو ما يحقق له الحضور الإنساني الحقيقي ، وكان للعقل بوصفه مصدرا أساسيا للمعرفة وما ينتج عنه من أفكار تبلورت في شخصية المثقف وسلوكه قادته الى ان يكون رياديأ في العديد من الحركات الثورية سواء السياسية او الاجتماعية التي أدت الى تغير بعض المجتمعات من حال الى أخر ،
لقد لعب المثقف العربي في بداية مراحل النهضة الفكرية التي عمت الدول العربية دورا رائيسيا في استلهام واستنطاق مفردات الحياة وإعادة تدويرها لانتاج قيم معرفية أدت الى تحولات كبيرة على مستوى الخطاب الفكري الذي انعكس على السلوك الاجتماعي العام ،حتى بات المثقف ومنجزه يشكلان علامات فارقة من الرقي المعرفي في ما كان سائدا آنذاك رغم ان اقل ما يقال عن طبيعة المجتمعات في تلك الفترات انها مجتمعات امية .
ورغم انحسار وسائل البيئة المعرفية وقل مصادرها آنذاك واعتمادها على ما يطبع ويقراء فقط نجد ان المثقف كان غزير الإنتاج مخلصا لمنجزه مؤمنا لقضيته لشعوره الدائم بمسؤوليته اتجاه مجتمعه .
المثقف ومرجعياته
لعل ما يميز المثقف العربي هو ازمته الدائمة في الانتماء الى هويته الفكرية ، والتي تعتبر الحرية أول مفردتها ، فلطالما شعر المثقف ان المساحة التي يقف عليها هي ارض رخوة قد تنزلق به في اية لحظة وان بوصلة المثقف لا تحدد له المسارات الحقيقية التي قد يحقق ذاته المبدعة فيها ، لذا تراه يتنقل على خريطة الثقافة من رقعة جغرافية الى أخرى وليس في هذا الامر من ضير ، فالمثقف العربي في بحث دائم عن افاق مفتوحة لا تصتدم بما يقيد تماهيه في فضاء الحرية الواسع .
فقد حقق البعض وجوده الثقافي في التيار التقليدي المرهون والمرتبط بالتاريخ ، واخرون بالتيار القومي الذي يتبنى ثقافة عربية شاملة و وتبنى العديد من المثقفين التيار الماركسي واخرون بالتيار الوضعي كما صنفها المفكر السوري قسطنطين رزيق في كتابه (الوعي القومي ) الا ان هذا الوجود لم يستمر طويلا في ظل المتغيرات الكبرى التي طرأة على الحياة في مجمل مفاصلها خاصة مع انتشار الثورات العلمية والتقنية والمعلوماتية التي شكلت ما يسمى بثقافة العولمة بالإضافة الى المتغيرات( المعرفية التي شهدتها ميادين الفلسفة والعلوم الإنسانية والتي اسفرت عن انبثاق قرأت جديدة للحداثة وشعاراتها في الحرية) مما أدى الى تغير مفهوم الخطاب الثقافي الناتج عن صدمة المثقف بمعطيات الثقافة الحديثة وبالتالي بات لزاما على المثقف ان يعيد صياغة سلوكه بما يتلائم من فهم وتشخيص التحولات التي افرزتها العولمة .
لقد أصيب المثقف العربي بالحيرة إزاء ما يسمى بثقافة العولمة وان اهم أسباب حيرته في تعامله معها ، هو ،هل يعد العولمة على انها ممارسة سياسية منبثقة من الامبريالية الغربية ؟، ام هي نتاج نظرية المؤامرة التي تتربص بالعرب لتغير مكوناتهم الاجتماعية ؟، او يتعامل معها على انها ثورة علمية تكنلوجية تساهم في رقي الانسان وتقدمه . ان صلب المشكل المتوالد من العولمة هي فرض نموذج معين من الحضارة والمطلوب تبنية من قبل الجميع ويشمل هذا النموذج جميع مفردات الحياة الاقتصادية والسياسية والاجتماعية والفكرية والثقافية وقد كشف المثقف العربي بتأملات ودراسات ما ورائية العولمة وهي الغايات والاهداف وما ينسحب عليه من تأثيراتها ، فرغم ما تعكسه العولمة من مظاهر التطور الحضاري الا انها تعبر عن هيمنة النموذج الغربي على طابع الحياة العامة ، ومن هنا انبثقت جدلية جديدة بين الانتماء والتصدي .
بالإضافة الى ذلك شعور المثقف على ان منجزه الثقافي مازال مرهون الى سلطات سياسية ودينية واجتماعية واقتصادية حددت من مسارات المنجز وضيقت عليه في الكثير من الأحيان رغم محاولات المثقف في السعي الى إيجاد اليات تساهم في توسيع افاق التعبير.
كذلك قلق المثقف من التهميش في ظل ما افرزته الثوارت التكنلوجية وخلق وسائل حديثة للتعبير ستستغني تدريجيا عن وجود المثقف في كافة الحقول الإنسانية خاصة مع تواجد أنظمة الذكاء الاصطناعي التي ستاخذ شيئا فشيء في تحييد العقل البشري . وهذا ما سيولد حالة من الإحباط واليأس من إمكانية النهوض بالواقع الثقافي .
وكما هو معلوم ايضا، فإن سلطة اليومي، تتجاوز من حيث أهميتها الملموسة سلطة المعرفي والثقافي، باعتبار أن مكتسباتها، رغم تواضعها، تظل أكثر ملحاحية، قياسا بالحاجة إلى التفكير الذي يعتبر آخر مطلب .
وبلا شك ان الفضاء الواسع الذي وفرته مواقع التواصل الاجتماعي أتاح لكل من هب ودب ان يدخل معترك الثقافة بمنجزات الاتمت بصلة الى الادب او الفكر لا من قريب او بعيد ، حتى اخذ يزاحم الوجود المتواضع للمثقف الحقيقي في هذا المجال ، مع ميل المتلقي لما هو مرئي اكثر مما هو مقروء وانخفاض نسب القراءة في المجتمعات العربية وكذلك انتشار ثقافات أخرى اخذت حيزا من الحضور السريع على حساب المنجز الثقافي الأصيل همها الشهرة والكسب المادي دون الاهتمام بالقيم المعرفية المتعارف عليها كثقافة البلوكر والفاشينسيت واليوتيوبر وقد اصبح لهذه الثقافات أسماء ومتابعين ، ومما يؤخذ على بعض المثقفين العرب هو الانخراط بمثل هذي الممارسات رغبة منه أيضا في الشهرة او الكسب المادي .
هذي المرجعيات التي يستند اليها المثقف أدت لدى الكثير منهم الشعور بالاغتراب الفكري الذي يقوده الى الانكفاء والعزلة مما يؤدي الى تراجع المنتج الثقافي الكمي والنوعي .
وقد أدى هذا التأثير الى ظهور عوامل اربكت الخطاب الثقافي بشكل خاص والمشهد المعرفي بشكل عام ، منها :
- ضعف حضور المنجز الثقافي في الأوساط العامة وانحسار دوره في المؤوسسات الراعية للثقافة مع اختلاف نواياها . ( تجربة المترو في لندن )
- ضعف الخطاب النقدي الاكاديمي الذي عن طريقة يتم تقيم المنجز الثقافي والتجربة الإبداعية لان الناقد نفسه وقع في العديد من الإشكاليات التي طالة المثقف لكونه يعمل في نفس الحقل .
- تدهور اللغة العربية وانحطاطها ساهم في تصدير اللهجات المحلية لتحل محل اللغة الرسمية ، مع تغير شكل اللغة من الناحية الأملائية ، واللغة اهم وسيلة للاتصال والتواصل ولها ارتباط وثيق بالتاريخ والأديان والفلسفات والعلوم الحديثة الاسيما في حقل الادب والفن . ولان اللغة منظومة رئيسية في حمل الخطاب الثقافي فأن أي خلل يصيبها سيعطل المنظومة المعرفية بالكامل وقود يقود الى قطيعة ابستملوجية تترك فجوة كبيرة بين المنجز والمتلقي بشكل عام ، وما نشهده الان من تدهور ملحوظ للغة بين عامة الناس سيقود الى نتائج مخيبة في السنوات القادمة على أهمية المنجز وحضوره في حقوله الطبيعية .
نظرية التلقي
عندما انطلقت نظرية التقي اول مرة من المانيا اتخذت من المتلقي عماداً للعملية النقدية بعد ان كان دوره ينحصر في سياق المرسل اليه دون النظر لما يمتلكه من خصائص معرفية قد توازي في ثقلها ثقل المنجز الثقافي ذاته ، وقد همشت المدارس النقدية الكلاسيكية المتلقي لتصب جل اهتمامها على المنجز الثقافي وابعاده من جهة وعلى المثقف من جهة أخرى .
الا ان ما افرزته الحداثة وما بعد الحداثة من دراسات وبحوث حول التلقي والياته وضعت المتلقي بمستوى واحد مع المنجز الثقافي ان لم يتفوق عليه في أحيان عديدة وهذا ما ساتطرق اليه عند تناولي لتصنيف المتلقي .
لقد ادرك المتلقي أهمية وجودة في العملية الإبداعية فلم يعد هو المحطة الأخيرة التي ينتهي اليها المنجز بل انه وعلى العكس من ذلك هو المحطة الأولى التي منها ينطلق المنجز في تحقيق وجوده، فهو الذات الواعية التي تعيد انتاج ما ينتج في حقله المعرفي والتي تتيح له تأسيس نصه المحايث او الموازي للنص الأصلي بقراءات متعددة تنسجم وطبيعة المتلقي المعرفية وتلك احد سمات خلود المنجز الأصلي وبقاءه حيا .
آليات التلقي
يمكن ان نعرف التلقي وبشكل بسيط على انه عملية إنتاجية تبدا بصدام خبروي بين المنجز والمتلقي ، والمقصود بالصدام او التصادم الخبروي هو صراع معرفي بين ما يمتلكه النص من خبرات وبين خبرات المتلقي ، وان اهم أسلحة هذه الصراع هو الازاحة اذ ان المنتصر في هذا الصراع سيزيح خبرات الاخر ، وبمعنى اخر انك تقراء قصيدة وبعد قرأتك المقطع الأول او الثاني او حتى القصيدة بأكملها ستحكم على القصيدة بقولك انها رديئة او انها ليست شعرا ، – وهذا ما نلاحظة في وقتنا الراهن من انفلات شعري افرز الكثير ممن لا ينتمون الى الشعر – ان ما جعلك تحكم على القصيدة بالردائة هو حصيلة خبراتك المعرفية التي تفوق خبرات النص ، فالنص يقدم لك لغة متواضعة ، صورة الشعرية مشوشة او مرتبكة ، حس موسيقي منعدم تمام ، وهنا فان معملك الإنتاجي وفق خبراتك المتعالية التي تتفوق على خبرات النص سيرفض إعادة انتاجه ، فالصراع الخبروي ينشأ بعد ان يستفز النص وعي المتلقي فبألتأكيد ان لكل صراع مسبباته والمسبب الرئيس في هذا الصراع هو الاستفزاز ، وعادة ما تبداء عملية الاستفزاز من العنوان ، والاستفزاز هنا ليس بعامل سلبي بل انه امر إيجابي ، يحيلك الى جوانب أخرى مهمة كعنصر لجذب والفضول المعرفي .
وبنظرة سيميائية للعملية الإنتاجية لدى المتلقي سنلاحظ ان النص يحمل خطابه الى المتلقي عن طريق الانساق والمنظومات التي يمتلكها النص كالمنظومة اللغوية والانساق الفكرية والجمالية ، برموز ودلالات مشفرة ، وعند استلام المتلقي للخطاب يشرع في قرأته عن طريق تفكيك شفراته واستنطاق دلالاته واحالتها الى مرجعياتها الأولى ليتسنى له فهم تاويلاتها ,وإنتاج المعاني كمرحلة أولى ومن ثم تبدأ عملية الاسقاط الذاتي للمتلقي على النص وهي الحصيلة المعرفية الناتجة عن الخبرات والتجارب الحيا تية التي اكتسبها المتلقي طيلة وجوده للوصول الى المقاربات والمعطيات والخصائص التي يمتلكها الطرفين كمرحلة ثانية ، واما المرحلة الثالث فهي مرحلة الادراك المعرفي والحسي والتي يندرج تحتها المدرك الفكري والمدرك الجمالي التي تنصب على شكلية النص ومضمونه وعدم الفصل بينهما كما اكد على ذلك الباحث الانثروبولوجي الفرنسي كلود ليفي شتراوس في منهجه البنيوي .
واخر مرحلة في المعمل الإنتاجي للمتلقي هي عملية تدوير وإنتاج ما تم انتاجه من قبل المثقف ، وهنا لابد للمتلقي ان يحصل على منتج ثقافي اخر وهو حصيلة عملية التلقي ككل متكامل ، ويحمل هذا المنتج مواصفات ومزايا متعدد تختلف باختلاف المنشأ ومن هنا تعددت القراءات التاويلة للمنجز الواحد ، ستختلف أيضا طبيعة تصدير المنتج ، فمنه ما سيذهب للحقل النقدي ومنه ما سيذهب لحقول معرفية أخرى كالدراسات الاجتماعية والفكرية والبحوث النفسية ، ومنها ما سيبقى خالدا في ذهن المتلقي بسبب الفعالية المشتركة للطرفين التي نتجت عن الصراع الخبروي بينهما .
يمكن تقسيم المتلقي الى عدة انواع .
أولا – المتلقي الفطري ، وهو الذي يستند في احكامه النقدية على انطباعه الذاتي على وجه الخصوص كوسيلة في تصدير الاحكام وقد يكتفي بهذا العامل دون الولوج الى أعماق النص الفكرية لضعف قدراته التحليلية للرموز وفك شفرات الخطاب المرسل اليه ، أي ان قدراته التأويلية تكاد تكون محدودة بسبب ضعف الحصيلة المعرفية المتواضعة التي يمتلكها والتي لا تؤهله لان يكون ندا او خصما عنيدا للنص ، وسيركن الى المدركات الحسية التي ينتج عنها طبيعة التذوق الجمالي والذي يقف عند حدود السرد النصي والطاقة التعبيرية لادوات النص .
ثانيا – المتلقي المعرفي : هو المتلقي الذي يوظف خبراته في قرأة النص وإعادة انتاجة وفق اسقاطته المعرفية وتجاربة الحياتيه ، ولقد اشرنا الى ذلك في ما تم شرحه عن اليات التلقي .
ثالثا – المتلقي النخبوبي : ولا يختلف هذا النوع عن المتلقي المعرفي الا ان ما يميزه هو انه يعمل في نفس الحقل الذي ينتج عنه المنجز الثقافي او قريب منه ويتعاطا نفس الأدوات التي يشتغل بها النص ، ويكون تواجده دائما في المحافل الثقافية والأنشطة التي تقيمها المؤوسسات التي تعنى بالثقافة ، وغالبا ما تتأثر احكامه بمشاعره الذاتية اعتمادا على المسافة الاجتماعية بينه وبين النص ، وقد يتأثر أيضا بعوامل خارجية منها ما تحددة المؤوسسات من سياقات في تصدير النص ، وهذا ما نلاحظة في اغلب المهرجانات التي تقيمها المؤسسات الثقافية التابعة لدول ما ، اذا تكثر فيها المجاملات
رابعا – المتلقي الافتراضي : وهو متلقي بمواصفات مثالية متعالية قد لا يمتلكها في الواقع، بل اكتسبها من المثقف صاحب المنجز نفسه عن طريق ما يضفيه عليه من مميزات خارقة ، وان وجوده الحقيقي في ذهنية المبدع وخياله اكثر من وجوده الواقعي ، ويعتبر هذه الوجود ضروري لكونه يعتبر محفزا كبيرا في العملية الإبداعية وسيكون بمثابة المتلقي الأول او كما يسمى في بعض الأحيان الملهم .
خامسا – المتلقي العشوائي : هو نتاج ما افرزته التكنلوجيا الحديثة ، ومن مواصفاته انه سريع الانتشار تجده على جميع وسائل التواصل ، وضيفته الحقيقية هي وضع علامات الاعجاب دون ان يقرأ ما ينشر أصلا .
تنشأ المجتمعات وفق مقومات واسسات مبنية على كم من المعطيات تتنوع بين ما هو تاريخي وفلسفي وفكري وديني واخلاقي ومعتقدات وعادات وتقاليد لتتبلور في النهاية لصياغة مجتمع مرتبط ارتباط وثيق بهذي المنظومات التي تمنحه شكله وهويته التي تميزهه عن المجتمعات الاخرى ومن هنا جاء اختلاف وتعدد المجتمعات وتنوعها .
ولعل بداية سقوط اي مجتمع هو عندما تصاب هذيه المنظومات بالاختراق لقصد حرفها عن مساراتها الرئيسية او عندما تعطل لعدم الاشتغال بها من اجل ديمومتها وتطويرها او يعتريها الاهمال خاصة في ظل استحداث نظم جديدة بغض النظر ان كانت سلبية او ايجابية